كان واجبي يا أخي وصديقي أن أكتب لك وأنت على خط الصبر, والعمر والحياة ..ولكني أكتب الان في موتك كي أعزي نفسي ..وأعزي الاصدقاء والايام التي جمعتنا ...
ماالذي سأقوله اليوم عن حنا فراج ؟ هو صاحب العدسة التي عبرها تعلمنا حب الحسين وذبنا فيه وذاب فينا ....لم نشاهد الحسين يوما متعبا أو فرحا أو مبتسما , إلا عبر عدسة حنا فراج التي لم تكن تصور المشهد بكبسة زر بل بوريد وبنبض ...وحنان , وكان حنا عند الحسين إبنا وليس مصورا ...
غادرت هكذا العمر دون أن تخطرنا ....دون أن نذهب لمشاهدة أداء الفيصلي في الملعب دون أن نيمم نحو السلط كي نتناول القلايات (والمعاليق) ...عند حبش فراج ...دون حتى أن نرتب سفرنا المشترك إلى قبرص , ودون حتى أن نكمل سويا المشروع الذي بدأت به وهو مؤسسه تحوي أرشيف الحسين وكل ما صورته عنه ....
دون أن تحدثك الأميره النبيله هيا بنت الحسين من دبي ... كانت وفية جدا لمن أحبهم الحسين وكانت تتفقد صبرك كل يوم وتتفقد إصرارك على العمر ...والفيلم... الفيلم الذي أنتجه صديقنا طلال العوامله عن الملكه الراحله علياء الحسين...والذي كتبت أنا النص فيه وبصوت حبيبنا و استاذنا حيدر محمود....وأنت من زود طلال بمادته الأرشيفيه ...ألم يكن مقررا أن تسافر لدبي كي تسمع رأي الأميرة فيه ....ووعدتني يا رفيق الدرب أن نذهب سويا .
ألم نتفق على مشروع ضخم عن الحسين على إنتاج فيلم عنه , وكلفتني بكتابة المشروع وكنت قد بدأت للتو وفي اخر لقاء ..قرأت لك جزءا مما كتبت , فانفعلت فرحا ....
هل ما زال حمزه بن الحسين يناديك (عمو حنا) ...؟ أتذكر في كل لقاء وكل مناسبه كان يقول لك (عم حنا )......أتذكر الفيلم الذي أعطيتيني اياه عن الراحل الحسين والذي احتوى على لقطات تنشر للمرة الأولى وقمت وقتها بتسريبه للصحافة وتحدثت معي من تركيا تلوموني وتسألني بغضب :- ( شو اللي مسويه ولك) ....وفيما بعد ضحكنا واقنعتك أن الحب يجب أن يسرب .
أنت أحببت الهاشميين وكنت متصوفا في حبهم وهم يا حنا أحبوك ..وإذا قدر لي أن أعزي أحدا فيك فساقدم عزائي للأميرة الهاشمية هيا ..التي ظلت دوما تسأل عن الأولاد والحياة والصبر والعمر ..والصحة التي خذلتك وستخذلنا كلنا .
أنا ابكي عليك ..ابكي من قلبي والذين عرفوك وأحبوك يبكون ...فقد ذبحتنا وهزمت فينا الفرح ..وقد رميت على الصدر جبلا من التعب ...وسنفتقدك كثيرا ...
وأنا في هذه اللحظة أبكي على نفسي ...وخائف يا حنا... كل الذين أحببتهم يرحلون ..حبيب الزيودي تركني في لحظة كنت فيها على الهاتف معه ...وسامي الزبيدي تناولنا الطعام مع بعضنا قبل وفاته بيومين ..وأنت اتصلت بي ظهر الأحد تسألني عن حالي وتطلب مني الصبر والأحتمال وها أنت تتبعهم ...ثلاثة من أعز الناس على قلبي غادروا العمر .....والذين نحبهم ينفرون من حولنا بعضهم ينكفؤ في منزله واخرون قرروا مغادرة البلد ...وكل ما تبقى لي معارك صغيره أخوضها علني اعلل النفس بالصبر...
لك الرحمه يا جبل المحامل ...لك الرحمه ..أعترف أنك كنت جبلا ...ومعلما ولكن الأيام خذلتك ....وأنا ياصديقي حين علمت بموتك ذهبت لمنزلك ولكني لم أجرؤ على الدخول ...فالعامود الذي كان يحمل الهم ذهب ونوارة المنزل ذهبت ...
لك الرحمه ...لك الرحمه ..يا أغلى وأعز وأنبل الناس .
(الرأي)