الكلمة حين تتحول الى (كارثة) .. !!
حسين الرواشدة
03-01-2014 02:59 AM
اذا كان مطلوبا منا ان نواجه ثقافة التطرف و التكفير بالكلمة , فأرجوا ان نعترف مسبقا ان تلك الكلمة تحتاج الى اعادة نظر في معظم ما الفناه من سياسات ومقررات على صعيد مهادنا التعليمي و التربوي ...و السياسي و الاعلامي, و الثقافي و الاقتصادي ايضا .
و الكلمة ليست مسألة بسيطة كما قد يتصور البعض للوهلة الاولى , ولكنها اهم ما يمكن ان نستحضره حين نتحدث عن اي خلل يتسرب الى عقول ابنائنا فيدفعهم الى الانحراف تارة ...او الى الى سوء الفهم و العمل تارة اخرى ... عندها تصبح الكلمة اقوى من الرصاصة ... لابل و من المتفجرات التي تخط رسائل القتل و الخوف و الدمار .
ومن الاسف اننا لا نجد اليوم امام اسئلة كثيرة يطرحها ابناؤنا عن حقيقة الاسلام مثلا , او عن تجربتنا الفقهية و التاريخية الا الشعور بالتقصيرلتواضع ما يعرفه هؤلاء من اجابات , وما تنتابهم من حيرة ازاء الفراغ الكبير الذي تركناهم فيه , بعد ان عجزنا عن تقديم ما يحتاجونه من ردود على اسئلتهم ...او افكار مقنعة تطمئنهم على سلامة طريقهم ...وتفكيرهم ايضا .
ولا اريد ان ادخل في التفاصيل- وما اكثرها - ولكنني استحضر فقط ما نقرره على طلا بنا من مناهج للتربية او الثقافة الاسلامية ...... وما تتضمنه هذه المناهج من تعريف للاسلام وما تخصص لها من حصص لا تتجاوز نصف اصابع اليد الواحدة ... فيتخرجون وهم لا يعرفون اكثر مما يعرفه الاجنبي عن الاسلام .... بل ان بعضهم تنتابه ما ينتاب الزائر من دهشة لاي معلم سياحي ... بعد ان يعرف موقف دينه من هذه المسألة او تلك ... وكأنه يكتشف كنزا لم يسبقه اليه احد .
و بوسعنا بعدئذ ان نخجل اذاما اتهمنا هؤلاء بالجهل او عدم المعرفة بدينهم , او ان نحملهم آثام سوء الفهم و الانحراف , فقد خرجوا للاسف بسبب تقصيرنا يبحثون عمن يملأ فراغهم الديني ولم يجدوا الا انصاف علماء و خطباء يأخذونهم( كلا بما لديه من علم اجتهاد) الى زواياهم و اختلافاتهم الفقهية ان لم نقل قلة بضاعتهم و سوء فهمهم للاسلام و رسالته .
هذا على صعيد المناهج فقط , فماذا لو تذكرنا ثقافة التكفير السياسي , والمليشيات الثقافية التي احتكرت منابر الفكر و الثقافة , والاستقطابات الاقتصادية التي افرزت امراض الفقر وألغت الطبقة الوسطى ...وكل ذلك جرى بعيدا عن تأصيل فكرة التدين التي خرجت منها- كما نفهم -عدوى التكفير و التعصب والعنف .... وتم ايضا في معزل عن زيادة جرعة الثقافة الاسلامية ... واعتمادها المصل الوحيد لعلاج المصابين بمثل هذه الافات اسوة بما يقرره الطب حين يختار لقاحات الشفاء من فصيلة الفيروسات المسببة للمرض ذاته .
ومرة ثانية فان تشخيص الكلمة كبداية لمواجهة ثقافة التكفير تدفعنا الى المطالبة بفتح ملفات المناهج وما يخصص للتعليم الديني في مدارسنا و جامعاتنا من مضامين و حصص واهتمام ... وملفات الارشاد و التوجيه و الجمعيات الثقافية التي تخرج من مهادنا الاجتماعي وتمارس وظيفة الدعوى و التثقيف الديني ... وملفات الاعلام و الثقافة بكل ما تشكله من بؤر متوترة تدفع المهمشين من ابنائنا المتدينين الى البحث عن منابر اخرى قد لا يجدونها فيتحوصلون و يمارسون افكارهم بعيدا عن ضوء الشمس.
(الدستور)