نظام الخدمة المدنية ومبدأ جز الأعناق !!!
د.عبدالله القضاة
02-01-2014 03:17 AM
الإدارة بجز الأعناق Cut Throat Management من متطلبات نظام إدارة الأداء ، والذي يهدف إلى حصر العمل بفئة قادرة على ألإنجاز وعدم الإبقاء على ألأشخاص غير القادرين على القيام بالمهام الموكلة اليهم، سواء أكانوا موظفين او مدراء إدارات او مدراء عامين!!!.
وبموجب هذا المبدأ المتقدم يتم تقييم أداء الموظف بالمقارنة مع الأهداف والمؤشرات الرئيسة للأداء ، والتي يتم وضعها بالشراكة بين الموظف ورئيسه المباشر عن الفترة التي يتم خلالها التقييم ، بحيث تكون محددة في بداية فترة التقييم ، وتخضع لتحديث مستمر خلال فترة الأداء ، وينظر للأداء هنا على أنه ترجمة عملية لكافة مراحل التخطيط في المؤسسة الحكومية ، ولا يعتبر هدفاً بحد ذاته ، وإنما وسيلة لتحقيق غاية "نتائج".
في الدول المتقدمة ، العمل والإنجاز هو الذي يحكم بقاء المسئول في موقعه ، حيث يتم تنظيم اتفاقية للأداء بين المنفذ والمسئول تتضمن الاهداف التي سوف يحققها الموظف / المدير ، والمستويات المستهدفة خلال فترة التقييم ؛ وفي حال إخفاق الموظف عن تحقيق المستوى المستهدف يتم الإطاحة به بعزله من موقعه وإلى غير رجعه !!! ، وبالمقابل ؛ فإن الإدارة تكرم وتحفز وترقي الموظف الذي يحقق الاداء المعياري وبما ينسجم ومستوى الأداء.
والتساؤل : هل يمكن للإدارة العامة الأردنية تطبيق هذا المبدأ ؟! ، وماهي النتائج والأثار المتوقعة على مستوى أداء الأجهزة الحكومية على المدى المتوسط والبعيد ؟!.
يأتي إقرار نظام الخدمة المدنية الجديد خطوة بالاتجاه الصحيح ، ولعله يؤسس لمرحلة جديد من مراحل تطوير القطاع العام الأردني ؛ فقد إشتمل على نصوص تشريعية تخدم التحسين المستمر ؛ إن طبقت على أرض الواقع بشفافية وعدالة ؛ ومنها ضبط عدد الوظائف المساندة بما لا يتجاوز نسبة (30%) إلى عدد الوظائف الأساسية ، إضافة الى مبدأ جديد في إستراتيجية التوظيف ، بحيث يكون التعيين بمؤسسات القطاع العام بموجب عقود على وظائف ذات فئات ودرجات ووصف وظيفي محدد ، وهذا يعني من بين مايعنية انتهاء فكرة " من دخل بيت ابوسفيان فهو آمن "!، فالأمان الوظيفي يتحقق للموظف الجدير فقط.
أما الجانب الآخر ، والذي أعتقد أنه ألأكثر أهمية ، ويشكل سابقة هامة في تاريخ الإدارة الحكومية ،فهو إيجاد منظومة أداء لشاغلي المجموعة الثانية من الفئة العليا ومن في حكمهم ، بحيث تتضمن آلية التقييم ومؤشراته التي تستند الى تحقيق أهداف المؤسسة الإستراتيجية ، وهذا يعني أن المدير العام / الأمين العام الذي تفشل مؤسسته في تحقيق النتائج المستهدفة في إستراتيجيتها المعلنة ، سيتحمل نتيجة فشله وبالتالي عليه مغادرة موقعه فورا ، في حين كان مثل هؤلاء الفاشلين إما يتم تدويرهم لمؤسسات اخرى لنقل فشلهم وإما توزيرهم ؛ إرضاء لمرجعياتهم المناطقية او السياسية !.
نظام الخدمة المدنية نقلة تشريعية في تاريخ الوظيفة العامة ؛ والتطبيق السليم لأحكامه يؤسس بالتأكيد لمبدأ الإدارة بجز الأعناق ؛ وهذا المبدأ ليس ببعيد عن تاريخ امتنا فقد كتب عمر بن عبدا لعزيز لأحد ولاته : "قد كثر شاكوك وقلّ شاكروك فإما اعتدلتَ وإما اعتزلت". وهذا الخطاب الذي يطرب المواطن لسماعه لقادة مؤسساتنا العامة.
أما بخصوص النتائج المتوقعة من تطبيق هذا الفكر الجديد ، فقد لا تكون شعبية على المدى المتوسط ، ذلك أنه سيتم " تعشيب " الجهاز الحكومي من عدد كبير من ذوي الأداء المتدني ، ناهيك عن تدخل بعض البرلمانيين لتعطيل التنفيذ الفاعل للنظام ، وهذا يتطلب إستراتيجية تغيير محكمة تنفذها وزارة تطوير القطاع العام وديوان الخدمة المدنية ؛ وإذا نجحت هذه الإستراتيجية ، ونأمل ذلك ؛ فسيكون الأثر إيجابيا على المدى البعيد في ترشيق الجهاز الحكومي وضمان فاعليته .