"تعتزم مديرية الأمن العام تعزيز الإجراءات الأمنية خلال إعلان نتائج امتحان الثانوية العامة "التوجيهي" (غدا) الجمعة، وسيتم منع وضبط السلوكيات السلبية التي تمارس خلال هذا اليوم والتي من شأنها إلحاق الضرر بالآخرين، وتشويه صورة الفرح مثل إطلاق العيارات والألعاب النارية، والمسير بشكل مواكب والتجمع العشوائي أمام المدارس للحصول على النتيجة".
الناطق الإعلامي في "الأمن العام" الرائد محمد الخطيب
6 شباط (فبراير) الحالي يعني ذلك بوضوح أن نتائج الثانوية العامة تؤدي إلى حال طوارئ عامة في بلادنا، لمجرد أن طالبا حصل على 60%، وقررت عائلته وقبيلته أن لا طعم للاحتفال إلا إذا أطلقت النار في الهواء، وسقط الرصاص المرتد على المارة في شارع عام، فأدى إلى وفاة عشوائية، وحلّت الفجيعة، وانفتح بيت عزاء لدى أسرة أخرى!
قبل سنوات، لاحظ صحافي عربي زار بلادنا أن الأردني يطلق النار حين يفرح، وحين يغضب، مستنتجا أن "لا فرق بين فرحنا وغضبنا" وأننا لا نزال نعتبر فرقعة الأصوات تعبيرا عن البهجة، ولو كان الثمن حياة إنسان!
حال من الطوارئ لا لزوم لها، ولا تعني سوى أننا لم نتمكن في العام 2008 من تثقيف الفرح، ومنحه شكلا ومضمونا مختلفين مع تزايد أعداد المتعلمين وتكاثر مؤسسات المجتمع المدني، على الرغم من التجارب القاسية التي مرت بها عائلات أردنية كثيرة، كانت تجلس في فناء بيتها، أو يسير أحد أبنائها في الشارع فدهمته رصاصة مرتدة من الفضاء، لتقضي على حياته، في قصة موت مجاني، لا يجب التساهل مع مرتكبيها، بغض النظر عن دوافعهم!
تحويل عمان والمدن الأردنية إلى جبهات نارية، وإغلاق الشوارع والميادين بحجة الاحتفال بنتائج الثانوية العامة لا يزال سلوكا غير مفهوم، لا تواجهه مع الأسف قوانين واضحة، وتدابير صارمة، تمنع تكرار موت إنسان برصاصات طائشة، وتمنع انفعالات احتفالية من غلق شارع أمام سيارة إسعاف تقلّ مريضا إلى المستشفى!
ومهما طالبنا رجال الشرطة بتنفيذ القوانين، إلا أن العبء الأكبر يقع على عاتق المجتمع وقواه المدنية ونخبه في القيام بخطوات فاعلة نحو تغيير أنماط سلوكية غير متحضرة، وثقافة تنتمي إلى ماض سحيق!
baselraf@gmail.com