حظي أحدهم بمكانة مرموقة في المدينة القديمة على قمم الجبال لأنه تعود أن يهمس في أذن قائد المدينة في كل مناسبة أو اجتماع عام. لم يكن الشعب الطيب في المدينة القديمة يعلم أن كل ذلك الهمس لم يزد عن سؤال للقائد عما إذا كان الطقس جميلا في ذلك اليوم.ومع مرور الوقت، وكما هو متوقع، افترض كثيرون من الشعب الطيب في المدينة القديمة أن ذلك الشخص يجد أذنا مصغية لدى قائدهم، وبدأوا يخشونه ويحسبون حسابه .. لكنهم في الوقت نفسه لا يثقون به لإيمانهم بأنه لا يسعى لمصلحة قائدهم المحبوب ولا لمصلحة مدينتهم الغالية. إيمانهم هذا لم يكن وليد خيال أو إشاعة وإنما جاء من تجارب واستقراءات. وكرد فعل طبيعي، كان الشعب الطيب يتشكك في كل ما يطرحه أو يروج له ذلك الشخص من أفكار ومقترحات وخطط، ما دفعهم للقيام بعكس كل ما يأتي به ذلك الشخص البارز.

وفي يوم من الأيام، نشر ذلك الرجل من خلال أتباعه تحذيرات واضحة بين الناس من أخطار متوقعة قد تصيب المدينة القديمة وتغير طابعها. حتى إنه شجب بشكل علني محاولات من قبل "أعداء" لزعزعة استقرار المدينة القديمة ودفع شعبها الطيب إلى استقبال فعل شبيه بما قام به سكان بلاد مجاورة من هجرة وهروب إثر اضطرابات ألمت بهم.

تفاجأ الشعب الطيب ووقع في حيرة من أمره، تساءل قسم منهم إن كانوا قد أخطأوا بحق ذلك الشخص، أو كانوا قد أساءوا الظن به بينما هو إنسان وطني فعلا. وأعتقد قسم آخر منهم أن ذكاء ذلك الشخص بالغ، لدرجة أنه استغل حقيقة أنهم يتشككون به ويفعلون عكس كل ما يقول، فروج لأفكاره ومخططاته من خلال هذه الطريقة المبتكرة، وما كل ذلك إلا مجرد مناورة انتهازية من قبله لذر الرماد في العيون. واعتقد هؤلاء أنه في سبيل الحفاظ على أمن ومستقبل مدينتهم يجب منع ذلك الشخص وأتباعه من دس السم في الدسم.