هل هو احتكار في الجامعات على حساب العاطلين عن العمل
د. اسامة تليلان
30-12-2013 05:11 PM
تحجم اقسام معينة في بعض الجامعات عن طلب تعيين اعضاء هيئة تدريس جدد بما يتوائم مع عبء المواد الدراسية ، ليس بهدف تخفيف النفقات الجامعية حتى وان كان ذلك مخالف لشروط الاعتماد وإنما من اجل تقاسم بعض المواد وتوزيعها على اعضاء الهيئات التدريسية في بعض التخصصات، بهدف توفير عائد شهري اضافي على رواتبهم. وما لا يستطيعون حمله يقومون بتعيين مدرسين غير متفرغين بشكل فصلي، وأكثر ما تتجلى هذه الظاهرة في الاقسام المعنية بتدريس مادة التربية الوطنية بالإضافة الى بعض مواد تخصصيه.
قد نتفهم مثل هذا الاجراء لو ان السوق الاردني لا يشهد حجم بطالة مرتفع بين حملة الدكتواره الذين يمكن تعيينهم في الجامعات الاردنية بنفس النفقات التي توزع على اعضاء هيئة التدريس عندما يقومون بتدريس مواد اضافيه على برامجهم واعبائهم التدريسية.
كما انه يمكننا تفهم الامر لو كانت حاجة الجامعة لمثل هذحا الاجراء مرتبطة بظرف زمني فصلي وينتهي، لكن عندما نتحدث عن مادة التربية الوطنية فان حاجة الجامعات لها مستمرة ومتنامية كونها متطلب اجباري لكافة التخصصات، وبالتالي فهي بحاجة الى توطين مدرسين يمكنهم تقديم هذه المادة بالإضافة الى استفادة الكليات من هؤلاء المدرسين في تدريس مواد تخصصهم.
لا بل ان بعض الجامعات اعتبرت هذه المادة مصدر تكسب وتنفيع لأعضائها دون مراعاة حقيقية وموضوعية لتخصصاتهم عند توزيعها عليهم في كثير من الاحيان ، ودون اعتبار لحدود الحد الاقصى لعدد المواد للمدرس الواحد، فقامت بتوزيع هذه المادة في الاغلب على مدرسيها من تخصصات مختلفة وعلى عاملين فيها بأجور وبأحمال تخالف الانظمة وفي كثير من الاحيان تخالف معايير الاعتماد.
كما ان بعض الجامعات ترفض تعيين مدرسين لهذه المادة على نظام غير المتفرغ وتتعامل معها على اساس انها احتكار على مدرسيها فقط حتى تزيد من مكاسب اعضائها المادية، وتسوق لذلك حجج واهية لا اساس لها من العملية التربوية بشيئ، وجامعات اخرى تجاوز عدد المدرسين غير المتفرغين فيها العشرة وتجاوز نصاب بعضهم الستة مواد. الامر الذي ادى الى تقييد تعيين حملة الشهادات العليا في بعض الجامعات كي لا يؤثر ذلك على مكاسب العاملين، واسهم بشكل او بآخر بإضعاف القدرة على تنمية مهارات المدرسين التراكمية.
كان يمكن للجامعات ان تقوم بنفس الكلفة بتعيين عدد من حملة الدكتوراه في العلوم السياسية وبعض التخصصات ذات الصلة في الجامعات لتدريس هذه المادة وغيرها من مواد التخصص وبنفس كلفة الاجور الاضافية التي تمنحها لأعضائها بدل تدريس هذه المادة فوق سقف اعبائهم.
وتكون بذلك قد اسهمت في تخفيف حجم البطالة بين حملة الشهادات العليا وأسهمت في تجويد تقديم المادة، واقتربت من تحقيق بعض معايير الاعتماد، التي لو طبقت على الجامعات الحكومية كما الخاصة لتجاوزت حاجة الجامعات الى تعيين المئات وربما اكثر من اعضاء هيئة التدريس.
القضية فعلا تقترب من فكرة الاحتكار فبينما تحصل فئة من المدرسين على وظائف ورواتب شهرية ثابتة فإنها لا تكتفي بذلك بل تسعى للحفاظ على عوائد اضافية من خلال زيادة اعبائهم عن الحد المقرر، فان فئة اخرى من حملة الدكتوراه خلف اسوار الجامعات تنتظر فرصة عمل لها، وهي مستمرة بالبحث عن هذه الفرصة من سنوات، الا انها غير قادرة على اختراق هذه الاسوار والخروج من دائرة باتت اقرب ليس من العاطلين عن العمل وانما باتت تقترب من فئة العاطلين عن الامل.
في تخصص العلوم السياسية على سبيل المثال ما زال بحدود عشرين باحثا من حملة الدكتوراه عن فرصة عمل اكاديمية منذ سنوات، وازعم انه يمكن استيعابهم بالاضافة لمضاعفاتهم في تخصصات ذات صله لو انهي احتكار تدريس مادة التربية الوطنية.
ما نتحدث عنه ليس سرا وبإمكان وزارة التعليم العالي مراجعة سجلات الجامعات لتقف على حقيقة هذا الامر.