يعيش الأردن في منطقة قلقة مضطربة متخمة بالقضايا المستعصية على الحل إلا أن هناك بعض الملفات والأسئلة الداخلية لا يمكن للدولة إلا أن تتعامل معها بجدية وبمنهجية حقيقية.
الأردن أدار الثلاث سنوات الأخيرة بمهارة وبأقل خسائر حيث اجتمعت الأزمة السورية والضائقة الاقتصادية وحراك الشارع وتداعيات الربيع معاً، وكان مطلوبا إدارة معقدة للملفات الثلاثة فضلاً عن دخول الملف المصري بأبعاده الإقليمية والداخلية على أجندة عقل الدولة ومطبخها الحقيقي.
رغم كل تلك التعقيدات واستمرار ملفات الإقليم مفتوحة بلا حلول في فلسطين وسوريا وربما مصر فان هناك جملة من الأسئلة الأردنية التي لا يجوز أن يغيب مسار البحث عن حلول وإجابات جذرية لها سواء كانت تلك الحلول ثقافة أو خطابا أو إجراءات، ومن هذه الأسئلة :-
السؤال الاقتصادي المعيشي الذي يتفرع إلى جوانب عديدة منها البطالة وهو سؤال الجيل الحالي الجالس على مقاعد الدراسة في الجامعات والمدارس والأجيال القادمة، انه سؤال مواجهة احتمالات الإحباط وتعميق الفجوة بين الشباب ومجتمعهم.
وفي تفاصيل السؤال الاقتصادي هناك المحافظات التي تغيرت معادلات سكانها وأبنائها، وأصبحت معظم الأبعاد السياسية ناتجة عن فقر التنمية والشعور بعدم الإنصاف.
هنالك أفكار عديدة تم طرحها لإيجاد الحلول لمشكلة المحافظات مثل اللامركزية وصندوق المحافظات والأقاليم وغيرها، تحققت بعض الإنجازات وتعثرت مبادرات لكن المحصلة أن حكاية المحافظات ما زالت دون نهاية سعيدة، وأن الطريقة التي تمت فيها إدارة الملف كانت خليطاً من الارتجال، وغياب الإطار السياسي.
ولدينا أيضاً سؤال الخدمات حيث تعثر البلديات وضعفها، وحالة تقدم العمر للبنية التحتية التي أنفقت الدولة عليها مليارات الدنانير خلال عقود، لكن هذه البنية تحتاج إلى إنفاق لإدامتها، وهنا اذكر البلديات لأنها عنوان رئيس للخدمات في الدولة وهي اليوم مؤسسات شكوى وديون وتذمر وبحاجة إلى خطوات حقيقية لضمان قوتها المستقبلية.
أما سؤال الثقة بين المواطن والدولة، فهو من أسئلة المستقبل الهامة، والإجابة عناوينها مكافحة الفساد ووقفه، ومواصفات المسؤول ونزاهته وأسس اختياره، ومدى قدرة نخب القرار في كل المؤسسات أن تثير دهشة ايجابية لدى الأردنيين، لا أن يرتبط الأمر بريبة أو تشكيك بالقدرات والنزاهة والطريق التي جاءت به، وتاريخ الأداء ومستقبله.
سؤال الثقة ليس مرتبطاً بالأشخاص بل يمتد إلى قوة المؤسسات وهيبتها وقدرتها على الحفاظ على مفهوم هيبة الدولة وقوتها، سؤال الثقة يمتد أيضاً إلى جدية محاربة الترهل وتراجع أداء القطاع العام دون أن يكون هذا حصان طروادة يريده البعض لشيطنة القطاع العام لتحقيق غايات أخرى.
نحن بخير، ونموذج إدارة الأعوام الثلاثة الأخيرة محل فخر، لكن أسئلة المستقبل لا يمكن تجاهلها...
(الرأي)