العنف في الجامعات أصبح حديث الشارع
محمد كايد العدوان
29-12-2013 05:50 PM
من المؤسف أن ما نسمعه في هذه الأيام هو حديث الشارع عن العنف في الجامعات, هذه المشكلة أخذت أبعادا ً وحيزا ً كبيرا ً دون الوصول إلى حلول جذرية للقضاء عليها, ظاهرة العنف الطلابي لها آثارا ً سلبية خطيرة انعكست على المسيرة التعليمية من جهة وسمعة هذه الجامعات من جهةٍ أخرى. الحديث طال عن هذه المشكلة التي تفاقمت وتفشت في مجتمعاتنا الجامعية.
إن آثار العنف الطلابي أيضا ً انعكس وبشكل غير مباشر على نفسيات الطلبة ومستوى تحصيلهم الدراسي. بسبب تعليق الدوام المتكرر في بعض من الجامعات, هذه الظاهرة لا يمكن السكوت عنها, فالخطوط الحمراء تم تجاوزها, فحمل الأسلحة وإطلاق العيارات النارية شيء غير مألوف وغير حضاري ولا يمد لعاداتنا وتقاليدنا بصفه. فالجامعات مكان للعلم ولها رسائلٌ تعليمية ينعم بها أبناءنا وبناتنا وليس هي مسرحا ً للعنف والجريمة.
لقد دق ناقوس الخطر ونحن بانتظار من يقرع الجرس فنحن بانتظار أصحاب القرار من أجل التحرك لوضع حد لهذه المسرحية التي أرقت جامعاتنا، إن الخروج بخطة إستراتيجية يتضمنها حلولا ً جذرية للقضاء على هذه الظاهرة واقتلاعها من جذورها شيء ٌ مهم. ليس بوسعنا المزيد من الحديث عن هذا الموضوع الذي أخذ الكثير من الوقت ونحن كنا بانتظار الخطة والدراسة التي تبنتها وزارة التعليم العالي من خلال الدكتور مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية موسى شتيوي. فهذه الدراسة لم ترى النور بعد.
العنف الطلابي ليس بحاجه إلى المزيد من الدراسات بسبب إن العوامل التي تساهم في خلق هذه الظاهرة معروفه لدى الكثير منا ولكن نحن نريد الخروج بحلولا ً جذريه ومعالجة الأسباب نحن لا نلقي بضلال هذه المشكلة على الجامعات ونحملها المسؤولية لوحدها. فهناك جهات أخرى يجب أن يتحملوا جزءا ً من المسؤولية.
فهناك دور للأسرة متمثلا في عملية التنشأة من حيث القيم والأخلاق والمتابعة والتوجيه والإرشاد ومراقبة سلوك الأبناء سوءا في البيت والمدارس والجامعات. نؤكد لكم بأن العنف الطلابي له امتدادات وليس مقتصرا ً على الجامعات. فالمدارس تشهد عنفا ً طلابيا ً بسبب إن التنشأة التي تحدثنا عنها هي مسؤولية المدارس فالسبب الذي ساهم في خلق العنف في المدارس هو تحجيم دور المعلم. إن للمعلم دورا ً كبيراً ومكملاً لموضوع التنشأة.
فعملية الضبط والربط في بعض مدارسنا أصبح على الهامش بسبب القوانين التي تدين وتجرِّم المعلم في حال القيام بتطبيق النظام والدور التربوي المتمثل بعملية الردع للطلبة الذين ينتهجون سلوكاً غير اعتيادياً. إن حلقة الوصل المتمثلة بعملية التواصل ما بين أولياء الأمور وإدارات المدارس مفقودة تماما.
الأسباب جاءت مجتمعة لا يمكننا الفصل بين المدرسة والجامعة. علينا أن نعيد للمعلم هيبته لأن المعلم هو من يعد الطالب.
فنهاية الأمر سلوك الطلبة في المدارس مرافقا لهم في الجامعات. نوضح هنا ومن خلال حديثنا على نقطة محورية تتعلق بموضوعنا هذا.
العنف الطلابي ليس له ارتباطات فكرية أو سياسية على الإطلاق فعلينا جميعا أن نتخطى قراراتنا العاطفية ونحافظ على مسيرتنا التعليمية من خلال قرارات جادة والخروج بخطه توافقية دائمة.
إن أعادة النظر بأسس القبول من أهم القرارات التي يجب على وزارة التعليم العالي والجامعات اتخاذها. لقد أثبتت الاستطلاعات والدراسات الميدانية أن الأغلبية من الطلبة المشاركين في العنف الطلابي هم من أصحاب المعدلات المتدنية والذين قبلوا على الحد الأدنى من القبول الجامعي.
إن موضوع البحث العلمي هو مسار مهم للجامعات ولا يمكن تقدم هذه الجامعات معرفياً وعلمياً وتكنولوجياً دون العمل لهذا المسار الذي ركز وحث عليه صاحب الجلالة الهاشمية/ الملك عبد الله بن الحسين المفدّى أطال الله بعمره من خلال زياراته المتكررة للجامعات. إشغال الطلبة بهذا المسار مسؤولية أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات.
لأن وقت الفراغ بين المحاضرات من أحد الأسباب التي تخلق هذه الظاهرة. الأنشطة المنهجية والامنهجية مسؤولية واقعة على عمادات شؤون الطلبة في الجامعات، يجب إعادة النظر بمنهجيتها وأن يكون لها سياسات جديدة من شأنها توسيع الآفاق وخاصة العمل التطوعي والذي يجب أن يكون شاملا ً وليس مقتصرا ً على عمل معين.
لقد تحدثنا في السابق عن قوانين مجالس تأديب الطلبة فقد أصبحت غير رادعه ويجب إعادة النظر بها وتغليظ العقوبات لتكون أشد صلابة وإن عدم التدخل بالقرارات المتخذة بالعقوبات بحق الطلبة المخالفين شيء مهم جدا ً فالتدخل من خلال الواسطات لا يخدم المصلحة التعليمية ولا مصلحة الجامعة.
الأمن الجامعي هم صلب الموضوع, وهم من يحافظون على النظام ولكن هؤلاء يعملون بالصفة المدنية ولا يملكون صفة الضابطة العدلية.
فهم يتعاملون مع الطلبة بالطرق الدبلوماسية وليس لديهم أية حماية قانونية. آن الأوان لتفعيل دورهم وإيجاد حماية قانونية لهم من خلال منحهم صفة الضابطة العدلية, ومسمى الشرطة الجامعية لتطبيق النظام بصفته القانونية.
وأخيرا ً نطلب من أصحاب القرار نقطة محورية ومهمة يجب تفعيلها أيضا ً تتعلق بالطلبة الذين تقع عليهم عقوبات الفصل الجزئي من خلال إعادة تأهيلهم في قطاعات التعليم أو المؤسسات العسكرية ليكونوا أعضاء فعالين منتهجين خدمة وطنهم وجامعاتهم.
جامعاتنا عريقة لديها الكفاءات والقدرات التعليمية الهائلة فهي منابر علم وحضارة وبدورنا نثمن الجهود المخلصة لرؤسائها جميعا ً.
وبدورنا نقدم تحيه فخر واعتزاز لعطوفة الأستاذ الدكتور اخليف الطراونة رئيس الجامعة الأردنية (أم الجامعات) لجهوده المخلصه والمضنية في تقدم هذه الجامعة وازدهارها, ورسم خارطة الأمن والأمان لها, فهي نموذجا ً نعتز ونفتخر به كأردنيين.