بل إلى كل الوزراء والنواب والأعيان والصحفيين والكتاب ومطربي الأغاني الوطنية ورؤساء الوزراء السابقين واللاحقين وكل من يعنيه أمر الأردن والأردنيين.. ويا سامعين الصوووووووووووت ... صلوا على محمد
كنت في التسعينيات قرأت خبرا عن طالب أردني في الهند( إن أسعفتني الذاكرة اسمه عمر الحباشنة).. مات هناك .. ورفضت شركة الطيران الأردنية المحترمة نقل جثمانه إلى الأردن قبل أن يسدد ـ هذا الميت ـ ثمن نقل جثمانه.. ورفضت سفارتنا التدخل .. فتولى الطلاب الأردنيون في أنحاء الهند أمر جمع التكاليف قرشا قرشا..
تصورت أيامها أن في الأمر مبالغة
إلى أن قيض الله عام 98 إعارة لزوجتي (حسب دورها الطبيعي) إلى الإمارات.. ولأنها من ذوات الخبرة والكفاءة فقد وضعوها في دبي/ الصفا.. (من أغلى مناطق العالم) تحملنا الوضع وسكنا عجمان لأن الراتب لا يكفي أجرة السكن في دبي
أول سنة جربنا... في السنة الثانية تبرعنا بالأثاث وسلمنا منزلنا المستأجر في الكرك وأحرقنا سفينة العودة مؤقتا، حالمين بأن نعود إلى وطننا ونسدد ديوننا
وخلال العامين كنت أنا بإقامة( محرم) لأنني لم أجد في المؤسسات الصحفية التي حاولت أن أعمل بها( مدققا لغويا فقط) سوى الزملاء الشلليين من الكتاب والمثقفين الذين يحملون الجنسية الأردنية!!!
نهاية العام الدراسي الثاني وتحديدا في 26/6ـ2000 جاء الخبر الصاعقة
أنهت وزارة التربية عقودا وإعارات كثيرة من أجل توطين الوظائف.
لا بيت لنا في الأرض فأين نذهب؟
سمعنا أن السفير المصري تمكن من إعادة المعلمات المصريات ضمن تسوية معينة، لم نتأكد لكن تشجعنا..
علمنا أن السفير السوري فعل الشيء نفسه، لم نتأكد لكن تحمسنا
ذهبنا إلى القنصل الأردني في دبي .. وجدناه لم يسمع بالأمر
شرحت له المسألة على نحو يقتضي العمل على استطلاع الأمر برمته، إذ إن المعلمات (المفنشات) لسن من ذوات العقود الشخصية بل معظمهن من اللواتي أعارتهن الحكومة الأردنية لحكومة الإمارات.. وأن (التفنيش) بهذه الطريقة المفاجئة يربك الحياة كلها، لو أنهم أخبرونا قبل الموعد بشهر واحد لتدبرنا أمرنا.. هكذا كان حجم المسألة بالنسبة لي .. كنت أخاطب فيه الغيرة الوطنية على من هو مسؤول عنهم وعن كرامتهم
نظر إلي وسألني:: وماذا تشتغل أنت؟
قلت: محرم فقط.. ولم أجد عملا بعد
نظر إلي نظرة أقسم بالله العظيم أنني لم أفهمها حتى الآن!!! وما زالت عبرتي تخنقني كلما تذكرتها.
المهم..أخذ الرجل الورقة مني وأمسك بقلم، فرحت وظننته سيكتب لا أدري ماذا لكنني ابتهجت.
كتب الرجل( وما قصّر)
على الطريقة الأردنية العتيدة كتب الرجل..
سعادة السيد........الخ
ألتمس التكرم بالنظر في أمر إعادة تعيين المذكورة علما أنها مستعدة للعمل في أي مكان من الأماكن النائية!!!!
يا للروعة
أخبرنا القنصل أنهم سيردون الجواب إليه وما علينا سوى مراجعته بعد أسبوع...
كنت أظن أنه سيسألني عن بقية المعلمات اللواتي تشتتن ( ثلاث منهن عازبات خرجن من السكن وبتن أياما عند عائلة سورية حتى سافرن) والقنصل لا يعلم
كنت أظن المسألة ليست شخصية،
كنت أظنها مسألة وطنية،
(وكنت اظن.. وكنت اظن.. وخاب ظني.. وما بقى في العمر شي ..واحتريتك)
الحاصل.. ذهبنا إلى التربية.. سلمناهم رسالة القنصل .. وبعد أسبوع عدنا إليه (القنصل) فلم نره... أخبرونا في ديوان القنصلية أن الجواب لم يأت بعد.. ونصحونا بالسفر إلى الوطن والعودة بعد شهر لأن التربية في دبي معظم من فيها سافروا على عادة أهل الخليج
ذهبنا إلى الأردن .. مكثنا شهرا.. سألنا في وزارة التربية في العبدلي عن كيفية التعامل بين الوزارتين في موضوع الإعارات.. لم نجد من يجيب ولم نجد أحدا يعرف شيئا أو يعنيه الأمر
وعدنا إلى دبي.. إلى القنصلية العتيدة، أخبرونا أن الجواب لم يصل بعد.
وكدنا نرفع الأمر إلى الأمم المتحدة. والجواب لم يصل بعد
ذهبنا إلى التربية ، أسبوع كامل بين الأدراج والسلالم حتى أوقعنا الله بابن حلال أطلعنا على صورة كتاب قنصلنا في أحد الملفات مكتوب عليها من قبل أحد المساعدين: نأسف.. يحفظ.. هذا فقط، وأخبرنا أنها أعيدت منذ أسابيع للقنصل، عندها فهمنا لماذا تصر القنصلية على أن الجواب لم يصل!!! وعرفنا الحجم الذي يتعامل به الآخرون مع ممثلي وطننا .. والسمعة العالمية التي يطبل لها الإعلام الرسمي ليل نهار..
نصحنا البعض باللجوء إلى القنصل المصري، جرحتنا النصيحة في كرامتنا الوطنية جرحا عميقا فلم نذهب.. استدنا.. رحلنا من الشقة ذات السحالي إلى شقة أرخص ذات فئران.. شهران حتى تلقفت المدارس الدولية الخاصة بدبي زوجتي..
وتلقفني مركز أبحاث في الشارقة.
انتهت الأزمة على المستوى الشخصي،
بعد ذلك حين جددت جواز سفري وجدت القنصلية العتيدة تتقاضى ثلاثة أضعاف الرسوم التي تدفع للحصول على الجواز في الأردن... !!!
صدمت في أجهزة بلدي الرسمية غير المعنية بشيء وما زلت أنزف من ذلك الجرح حتى الآن،
زهدت في كل شيء.. لم أعد أكتب ولا أنشر، ورأيت الصورة الحقيقية فبكيت وطني.. وهجرت الشعر حتى الآن .. لأن مشاعري لم تعد تحتملها قصيدة .. كل من أحبني في الأردن سألني عن سبب اعتزالي.. ولم أكن أتقن الجواب ..
بكيت وطني الذي أصبحت العودة إليه كابوسا مزعجا..
بكيت وطني الذي أريقت كرامته على أيدي مكاتب ومؤسسات ترهلت حتى اهترأت وأكل الدود فيها وشرب، تعج بطاولات عليها محاسيب وشلل تأكل لحم الوطن وتشرب دمه ولا تقدم شيئا ..
لماذا بققت البحصة وكتبت الآن؟ لأنني لم أمتلك وعاء للنشر إلا الآن.. ولم أخرج من تلك الصدمة حتى الآن..وحتى تتأكدوا أنني لا أريد شيئا لنفسي
نهاية القصة:
1- أنا: كما أنا مدقق لغوي .. إذ رغم أنني جنوبي عن سابع ظهر.. وتغزلت بكل أنواع الزهور البرية في وطني..وأحرص على المنسف أسبوعيا على الأقل.. لكن لا أحد من المسؤولين في العالم طلبني مستشارا لشؤون الدحّيّة التي مارستها في أعراس كثيرة جدا.
2- زوجتي: تنافست عليها المدارس الدولية الكبرى .. وما زالت
3_ القنصل العتيد: يجلس في مجلس الأعيان... ليشرع لنا القوانين العادلة.
ملاحظة إلى قراء عمون: اعتبروا هذه الصرخة الحلقة الثانية من: (صورتنا في الخارج)
ملاحظة أخرى: يرجى ممن يرى هذه الرسالة أن يوصلها إلى أصحابها مشكورا.. لأنهم ربما لا يتقنون القراءة