قراءة ثانية في موازنة 2014
د. فهد الفانك
29-12-2013 03:51 AM
ليس معروفاً حتى كتابة هذا التعليق ماذا سيفعل مجلس النواب بتقديرات مشروع الموازنة كما ورد من وزارة المالية وإن كان من المرجح أنه سيحاول تخفيض الإيرادات المحلية بحجة الواقعية وعدم المبالغة في التفاؤل ، وتخفيض النفقات الجارية بحجة التقشف وتخفيض العجز.
تقول مسودة الموازنة أن الإيرادات المحلية سوف ترتفع بنسبة 6ر11% عما كانت عليه الموازنة في السنة السابقة ، ويعتقد خبراء صندوق النقد الدولي وعدد من المحللين المحليين أن هذه النسبة عالية ومن الصعوبة بمكان تحقيقها.
نظرياً فإن النمو الاقتصادي الحقيقي سوف يسهم بحوالي 5ر3% من هذه النسبة ، أما التضخم فيسهم برفع الإيرادات بنسبة 5ر4%. والمفروض أن باقي الزيادة سوف تأتي من رسوم وضرائب جديدة و/أو تحسين في كفاءة التحصيل. أما قانون ضريبة الدخل الجديد فلن يتم إقراره إلا بعد أشهر ولن يطبق عملياً على دخول سنة 2014.
أما النفقات الجارية فمن المقدر لها أن ترتفع بنسبة 9ر10% ، وفي هذا المجال لا يخشى أحد أن لا تتحقق هذه النسبة ، فالأرجح أن ما يتحقق فعلاً سيزيد عنها.
من الواضح أن زيادة النفقات الجارية بأسرع من النمو الاقتصادي بالأسعار الجارية أي 8% ليس مرحباً به. ولا شك أن وزارة المالية تدرك ذلك ، ولكن ماذا تستطيع أن تفعل إذا كانت هناك قرارات حكومية ونيابية تجعل الزيادة أمراً لا مفر منه مثل زيادة مكاسب الموظفين استجابة للاعتصامات ، وتثبيت مئات عمال المياومة بدون لزوم ، واستمرار عمليات الدعم الاستهلاكي العالي التكاليف.
هذه النفقات لا تتمتع بقدر من المرونة ، فهي مستوجبة الدفع دون تأخير كالرواتب والفوائد والإيجارات والنفقات الإدارية للدوائر والوزارات بشكل كهرباء وماء وقرطاسية وصيانة إلى آخره.
بهذا الشكل يصبح إعداد الموازنة العامة في الأردن عملية حسابية وليست سياسية ، فليس هناك سياسة مالية تصاغ الموازنة بموجبها ، بل محاولة تلبية متطلبات مفروضة لا مفر من دفعها.
إذا تم تطبيق الموازنة كما هي ، فإن مؤشر الاكتفاء الذاتي ، أي نسبة تغطية نفقات التشغيل الجارية من الإيرادات المحلية ، يظل متدنياً ولا يزيد عن 4ر85% مقابل 9ر84% في السنة السابقة وهو تحسن طفيف لا يلبي الطموحات ، ولا يعطي مصداقية لشعار الاكتفاء الذاتي الذي يرفعه الجميع وهم يقبلون أو يطالبون بإجراءات من شأنها التأثير عليه سلباً.
(الرأي)