للمطر حكاياته، ويحكى ان قرية نائية غاب عنها المطر، حل بها رجل يدعى مطر، فتفائل أهل القرية بحضوره،ولما تيقنوا من تدينه ذهبوا إليه ورجوه رجاء حارا ان يستسقي لهم،متفائلين بتدينه وباسمه.
أمضى الرجل الليل في الدعاء،ولم يأتِ الفجر،إلا والمطر ينهمر بطريقة عجيبة،وتواصل سقوطه على مدى أيام،حتى غرقت القرية من شدة المطر، فقرر أهل القرية تشكيل وفد لزيارة الرجل، والطلب منه ان يدعو بوقف المطر،لان انهماره كان شديدا.
احتار الرجل امام مضيفيه الشكائين،تارة من انهمار المطر،وتارة من غيابه،فالإنسان ُمتطلب،تارة يريد المطر،وتارة يسخط في وجه المطر، ويظن ان الله يتقلب في ارادته مع ارادته ومزاجه البشري، ولا..اجلال في هذا الظن،بل فيه سوء أدب أساساً مع رب العالمين.
مناسبة الكلام،هذا السخط الذي نسمعه في كلام الناس،والنقاء لم يعد موجوداً،نقاء الفطرة والتعلق برحمة الله،وكلما سمع الناس معلومة عن منخفض ثلجي،انقلبت وجوههم، واطالوا السنتهم في وجه رب العالمين،ساخطين،معترضين،لان الثلج سيغلق الطرقات،ولان الثلج سيفرض عليهم كلفة تدفئة اضافية، والسخط تراه في كل كلمة وكل مكان، وكأن البشر ادرى بمصلحتهم من ربهم؟!.
كأنهم ايضاً أرحم بالفقير ممن خلقه،والسخط في وجه الله،يجلب الغضب،إذ ينعم عليك،وتجحده بالكلام،فلا بد اذن ان يغيب المطر؟!.
هذه الايام تسمع ذات الكلام في وجه المعلومات عن منخفض ممطر غزير مقبل على الطريق،وبدلا من التفاؤل والاستبشار والشكر،تسمع اعتراضا وتأففا وسخطا،هذا على الرغم من انه سقيا للارض والشجر والبشر،ولولا اهميته،لما جاءت استسقاءات البشر، ورجاؤهم لله ألاّ يغيب المطر، والاستسقاء، توسل واسترحام.
قبل عقود كان يخرج الناس،كبار السن،وأهل القرى،في مواكب تستسقي الله،وترجوه ألاّ يغيب المطر،ونسمع حكايات كثيرة عن الذين يمطرهم الله في ذات الليلة،استجابة لقلوبهم الطاهرة،ورحمة بهم.
تأسف على مبادرة الله تعالى بالاعتراض والسخط،وهذا يستجلب الغضب،والامر لايقف عند المطر،وفي الامثال سخط ُمشهر،وتسمع احيانا من يقول :»من وينلك هم الله ببعتلك».. والامثال كثيرة،وكلها تشي بسوء الادب،وعدم التأدب مع الله.
المطر والثلج،نعمة ودواء واكرام وعطاء،والله عز وجل وحده الكريم الذي يعرف ماذا يعطي وماذا يمنع،وتطاولات البشر تصل حد الظن ان تقييماتهم كافية للقول إن الثلج كان كثيرا او قليلا،او ان المطر كان غزيرا بشكل غير محتمل؟!.
ليس أجمل من الاستسلام للفيض الرباني،كما يريد هو وحده جل جلاله فقط،لا كما تريد أنت.
(الدستور)