اثنان من المشاريع الكبرى شملتهما زيارة رئيس الوزراء،
د. عبدالله النسور، لبغداد واجتماعات اللجنة العليا المشتركة، أول من أمس، هما: خط أنابيب النفط، والربط بالسكك الحديدية. وهما على جانب كبير من الأهمية لمستقبل الاقتصاد والتنمية في الأردن.
الرئيس يؤكد أن موضوع خط النفط أصبح محسوما. ونأمل أن يكون مشروع سكة الحديد كذلك؛ فالشحن على سكة الحديد أفضل ألف مرة، ومن جميع النواحي، من الشحن على الطرق، وسيوسع ويسهل حركة الاستيراد والتصدير والترانزيت لجميع الدول المتشاركة.
وأنبوب النفط والغاز لن يزود المصفاة الأردنية فقط، بل سيستمر حتى العقبة للتصدير. ولا يمكن تفويت المناسبة من دون أن نتذكر بغضب، العمل غير المسؤول بنزع أنابيب الخط القديم وبيعها خردة. وما أزال لا أفهم لماذا لم يُستخدم ذاك الخط في الماضي بدلا من الصهاريج الأكثر والأشد ضررا.
منذ عقد ونيف ونحن نتحدث عن المشاريع الكبرى التي ستغير الاقتصاد الأردني، وتجعله أضخم وأقوى، وتصنع مستقبلا أفضل للبلد. وعمليا، فإن المشروع الوحيد الذي نُفّذ هو خط مياه الديسي، ودفعنا ثمن التأخير ارتفاع الكلفة إلى ثلاثة أضعافها.
والآن، بدأنا الخطوة الأولى في مشروع قناة البحرين، بمشروع تحلية المياه على خليج العقبة، وسيوصل أنبوب المياه الفائضة إلى البحر الميت. وهو نموذج مصغر للقناة الكبرى بين البحرين، والتي ستقوم عليها مشاريع تحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية، ومشاريع سياحية وزراعية، إلى جانب إنقاذ البحر الميت من الاختفاء، وتطوير المشاريع السياحية عليه.
لقد أثبتت تجربة الديسي أن التمويل ليس بالقضية المستعصية؛ إذ يمكن جذب الاستثمارات والاقتراض من المستقبل الذي ستؤمنه المشاريع نفسها. وها هي الحكومة تريد تنفيذ مشروع الطاقة النووية بمفاعلين يكلفان عشرة مليارات دينار، معتمدة على مقياس الجدوى الاقتصادية للمشروع؛ إذ بتوزيع الكلفة التأسيسة والتشغيلية على بضعة عقود، يظهر أنها أفضل من الإنفاق خلال نفس الفترة على النفط لتوليد الطاقة. ومشكلتنا مع البرنامج هي واقعية وسلامة الاعتماد على الطاقة النووية، في ظل التوجه الدولي إلى الطاقة البيئية البديلة أو النظيفة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ويمكن تسخير ذلك الكم الهائل من الموارد لمشاريع كبرى للطاقة البديلة.
وكنت مع الزملاء في التجمع الديمقراطي النيابي، قد خصصنا جلسة داخلية طويلة لهذا الأمر، أردنا منها بلورة وجهة نظر بإخلاص وموضوعية، بعيدا عن أي تأثيرات شعبوية أو دعائية أو ضغوط من وجهة نظر مسبقة، موالية أو معادية للمشروع. وقد توصلنا إلى التصور التالي:
إذا كان الدكتور خالد طوقان قد بنى كل المشروع على فكرة وجود خامات اليورانيوم بوفرة قادرة على تمويل المشروع، وإمداده بالكعكة الصفراء فلنمتحن الأمر أولا وقبل بناء المفاعلات، بعقد تجاري لاستخراج اليورانيوم وتسويقه. وبعد نجاح المشروع فعلا، يمكن أن نذهب إلى المشروع النووي. فهناك وجهات نظر بأن اليورانيوم لا يوجد بهذا التركيز المميز عندنا. وهذه كانت خلاصة تجربة شركة "أريفا" الفرنسية التي يصر طوقان على رفضها.
وهو قد دافع بالأمس أمام مجلس الأعيان عن المشروع، معتمدا على نفس النظرية، وهي توفر خامات اليورانيوم بصورة كبيرة، تجعل كلفة الوقود النووي لتغذية المفاعلات مجانية.
ورأي "التجمع" الموضوعي هو أن نحتكم ببساطة إلى الواقع قبل إقرار مشروع المفاعلات؛ أي لنذهب إلى اتفاقية مع جهة خارجية لإنتاج وتسويق اليورانيوم، وبعد ذلك ننظر في مشروع الطاقة النووية.
(الغد)