سؤال يتردد منذ سنوات خلت من قبل عامة الناس ومن قبل رجال السياسة والفكر ويزداد تردده هذه الأيام أين الحكومه ؟ فهذا السؤال يطرح عند كل قضية تعصف بالوطن مثل قضايا الفساد والسرقات وتفشي ظاهرة المخدرات وتراجع مستوى الامن والعنف العشائري والجامعي وارتفاع حجم المديونيه وارتفاع تكاليف المعيشه وزيادة معدل البطاله وتراجع مستوى الخدمات العامه في الدوله وتخبط السياسات العامه الحكوميه... الخ وتسمع اجابات مختلفه على كل سؤالا يطرح منها ما يزدك مقتا وغضبا ومنها يزدك تخوفا على مستقبل هذا الوطن في ظل ما يعصف بالمنطقه من احداث سياسيه واقتصاديه ، ونقف ونتساءل هل نحن عاجزون عن القيام بالاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الشامله ؟ الا يوجد لدينا رجال على قدر من تحمل امانة المسؤوليه فكرا ونزاهة في ادارة المرافق العامه للدولة ؟ ومتى سنبدأ بمسيرة الاصلاح في ظل تسارع الاحداث محليا وإقليميا ودوليا ؟ وهل الاصلاحات الحكوميه التي تطرح علينا على قدر كافي تمكننا من تجاوز الصعوبات التي نعاني منها ومواجهة تحديات المستقبل ؟ ومتى سنتخلص من العمل بنظام الفزعه والعمل العشوائي بمعالجة القضايا التي تواجهنا ؟.
ان الاجابه على ما سبق من سؤال اين الحكومه تكمن في ان أداء هذه الحكومه والحكومات السابقه المتعاقبه لم تكن على القدر الكافي من الكفاءة والمسؤولية والنزاهة في ادارة شؤون الدولة وعدم انتهاجها لسياسات عامه قوية تعمل بموجبها ، وكذلك انتهاج الحكومات الى سياسة ترحيل الأزمات من الحكومة العامله الى الحكومة التي تليها بدلا من قيامها في التعامل مع هذه الازمات والقضايا والتغلب عليها في حينه ، وما يواجهه المواطنين هذه الايام من مشاكل وصعوبات سياسية واقتصادية واجتماعية ما هو الا نتيجة لتراكمات سابقه آخذه في الازدياد وفي مقدمتها ارتفاع حجم المديونيه .
اننا ندرك حجم الصعوبات والمشاكل التي تواجهها الحكومه سواء الناتج منها عن تحديات متوقعه اوغير متوقعه اوبسبب الترهل والفساد الاداري الذي استشرى في السنوات الاخيرة وما تشكله هذه الصعوبات والمشاكل من معاناة كبيره للمواطن في كافة مناحي حياته ، وندرك ايضا بان الدولة لا تملك عصا سحرية تحل بها كافة قضايانا في ليلة وضحاها ، ولكن ما نشهده وبكل اسف ان السياسات الإصلاحية التي تنتهجها الحكومة ليست على درجه من الكفاءة والشموليه في برامجها ومشاريعها التي تساهم في الحد من هذه الازمات او التغلب عليها ، واستغرب هنا وأسأل ويسأل الجميع لماذا هذا التأخير في القيام بالإصلاح المدروس والجاد لكافة قضايانا التي نعاني منها والمشخصة من قبل الحكومة صاحبة الولاية ولا اجد مشكله في البدء بهذه الإصلاحات ، واذكر بالحكمة التي تقول " اذا عرف السبب بطل العجب واذا عرف الداء سهل وصف الدواء" .
ان رسالة قائد الوطن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله لدولة رئيس الوزراء بعد العاصفة الثلجية التي اجتاحت المملكه تحمل في ثنايا مضامينها التأكيد على الحكومة بضرورة التخطيط الشامل الممنهج الذي يمكنها من القيام بمسؤولياتها على أكمل وجه لتلافي الخلل والقصور في أدائها قبل حدوثه والارتقاء النوعي بمستوى أدائها لحماية مقدرات الوطن وأنجازاته وصون كرامة أبناؤه .
وعليه فاننا نطالب بان تكون الحكومة حاضره بكل قوة واقتدار في التعامل مع هذه الازمات تعمل من خلال سياسات عامه يتم صياغتها بالتشارك والتعاون مع السلطتين التشريعية والقضائية ومؤسسات المجتمع المدني تكون شموليه في برامجها ومشاريعها ومحددة الاهداف وتراعى فيها اولويات العمل بتقديم الاهم على المهم وحسب الامكانيات المتاحه وتطبيقها على الوجه الأكمل بكل قوة وحزم واقتدار واحكام الرقابة على تنفيذها وصولا لىتحقيق الاهداف المنشودة التي فيها مصلحة الوطن والمواطن ويتم التعديل عليها وتطويرها وفقا للمعطيات والمستجدات التي تطرأ على الساحتين المحلية والدولية وبهذا تحقق الحكومة ارادة جلالة القائد الاعلى الملك عبدالله الثاني بن الحسين في ثورته البيضاء التي دعى اليها في القضاء على الترهل والفساد الاداري والمالي وتلبية احتياجات المواطنين لتحقيق اعلى درجات الامن والاستقرار لهذا الوطن .
ان الاسراع في الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعيه بات ضروريا وملحا لكسب الوقت في المحافظة على انجازات هذا الوطن ووقف الهدر في موارده المادية المحدوده وجني ثمارهذه الاصلاحات والقضاء على التشوهات التي اصابت النسيج الاجتماعي وهذا يتطلب تظافر كافة الجهود الصادقة المخلصه المنتمية لتراب هذا الوطن من قبل الجميع حكومة وشعبا في التصدي لهذه الصعوبات والمشاكل بما يتوفر لديها من امكانيات ماديه وفرص التحسين المتاحة للعمل.
يجب على الحكومة ان تتعامل مع المواطنين بأعلى درجه من المصداقية والشفافية وان تدرك مشاكلهم ومطالبهم والاستجابة لها وتقديم الخدمات لهم على أكمل وجه بما يحقق اعلى درجات الرضا منهم عن ادائها وان تبتعد كل البعد عن المماطلة والتسويف والأقوال الخالية من الأفعال وهنا اذكر القائمين عليها بقول رب العزة سبحانه وتعالى (كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) والعمل الجاد الصادق مطلوب وهو اساس كل تقدم ونجاح ورقي وفوز في الدنيا والآخرة وهذا تصديقا لقول رب العزة (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) .