نقطة تحول في المشهد السوري
د. فهد الفانك
25-12-2013 03:43 AM
الصراع ضد النظام السوري كانت تقوم به مجموعتان ، واحدة مقبولة لأميركا والغرب وتتجسد مدنياً في ائتلاف اسطنبول ، وعسكرياً في الجيش السوري الحر ، وهي تتلقى المال والسلاح من أميركا والغرب.
والثانية مجموعات مسلحة تمثل فروعأً للقاعدة وأخواتها ، مصنفة عالمياً على أنها منظمات إرهابية ، وهي تستهدف إقامة دولة إسلامية أصولية في سوريا ، وتتلقى المال والسلاح من مصادر عربية وتركية من منطلقات مذهبية.
هذه المعادلة تتغير الآن جذرياً ، فالجيش السوري الحر يتفكك ويختفي قائده ويتحول إلى لاجئ سياسي في عاصمة إحدى الدول العربية التي كانت تمده بالمال والسلاح ، وذلك بعد اجتياح مركز قيادته والاستيلاء على الأسلحة الواردة إليه من المخابرات الأميركية عن طريق تركيا. أما الإنجازات العسكرية التي ما زالت تنسب إعلامياً إلى الجيش السوري الحر فهي من اختلاق الفضائيات التي لم تعد تقنع أحدأً.
بذلك أصبح ائتلاف اسطنبول عارياً تمامأً ، ومجرد سقف لبناء سقطت جدرانه وأعمدته ، وتحول أعضاؤه إلى سياح في فنادق ومطاعم اسطنبول ، فهو كيان فوقي لم يعد له أساس على الأرض ، ومقطوع الصلة بالداخل ، ولا يتمتع بقدر من المصداقية يؤهله لحضور مؤتمر جنيف2 فليس لديه ما يقدمه أو يتنازل عنه.
بعد هذا التطور أصبحت معالم الحرب الجارية في سوريا بمنتهى الوضوح فهي في واقع الأمر حرب بين النظام على علاته الذي لا يحبه الغرب وبين الإرهاب الدولي الذي يحاربه الغرب ويحسب له ألف حساب.
تحت هذه الظروف المتحركة تقوم أميركا والغرب الآن بإعادة تقييم الموقف ، فقد أدركت أن إسقاط النظام يعني تحول سوريا إلى مركز انطلاق آخر للقاعدة ومنظمات الإرهاب ، وهذا آخر ما تريد أميركا وحلفاؤها أن تراه.
الصراع بين السيء والأسوأ في نظر العالم يعني تفضيل السيء، فالنظام السوري ليس معادياً للغرب ولا يهدد مصالحه أو يخيفه أما الإرهاب فشيء آخر.
من الطبيعي والحالة هذه أن يصبح انعقاد مؤتمر جنيف خدمة للنظام ، فهو الطرف الذي يذهب بدون شروط مسبقة ، ويتكلم بصوت واحد ، ويملك جيشاً قوياً يحقق مكاسب متسارعة على الأرض ، في حين أن أعداءه يقاتلون ويكفرون بعضهم بعضاً ، ويجرون سوريا والمنطقة إلى المجهول.
عندما ينعقد جنيف 2 سيكون الغرب على استعداد لعقد صفقة مع النظام ، شريطة أن يتعهد بالتحول الديمقراطي والقيام بإصلاحات سياسية ، فهل نشهد تحرك سوريا باتجاه الديمقراطية قريباً ، وما هي خطة الغرب تجاه التجمع الإرهابي غير المسبوق على الأرض السورية.
(الرأي)