يسود حديث واسع بين الأوساط الشعبية و الرسمية حول التطور الأخير في العلاقات الاقتصادية بين الأردن و العراق.
أما أبرز ملامح هذا التطور فتتلخص في أنبوب النفط المزمع انشاؤه بين البلدين بالإضافة الى تسارع دخول البنوك الاردنية الى السوق العراقي.
سبر غور العلاقة الجديدة مع العراق يحتاج أولا الى معرفة خصوصية الاقتصاد العراقي و من ثم تحديد المصالح الاستراتيجية للأردن في ترصين أطر التعاون الاقتصادي مع البلد الشقيق و على مختلف الصعد و المستويات.
التحليل المبدئي للاقتصاد العراقي يقود الى الاستنتاج بتوفر فرص نمو هائلة لن تتكرر خصوصا اذا ما استمرت الاوضاع السياسية بالتحسن و الاستقرار.
فعلى المستوى النفطي، تشير التقارير الدولية الى ان انتاجية العراق من النفط ستتضاعف خلال السنوات الخمسة القادمة وصولا الى انتاج 5 مليون برميل يوميا، و ذلك في مقابل استقرار أو انحسار مستوى انتاج النفط في الدول الأخرى المصدرة للذهب الأسود.
من جهة أخرى، يمتلك القطاع الخاص العراقي و من ضمنه الاستثمار الخارجي داخله فرصة كبيرة للنمو المضطرد خلال الأعوام القليلة القادمة نتيجة جملة من العوامل أبرزها نمو الصادرات النفطية و توسع الانفاق الحكومي بالإضافة الى معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة و المتوقع وصولها الى 9 % للسنوات الخمسة القادمة.
و للتدليل على فرص توسع القطاع الخاص في العراق، يمكن النظر الى حجم قروض هذا القطاع من الناتج المحلي الاجمالي و مقارنة هذه النسبة بنظيرتها على المستوى الاردني، ليتبين لدينا حجم الفرصة الثمينة التي يحظى بها الاستثمار الخاص في العراق للنمو و التطور.
فبينما تصل نسبة قروض القطاع الخاص الى الناتج المحلي الاجمالي في الاردن حوالي 65%، لا تزال هذه النسبة في العراق تراوح مستوى ال 20%، في مؤشر على الفرصة أمام القطاع الخاص و الاستثمار الخارجي في العراق للنمو بمئات مليارات الدولارات خلال السنوات القادمة، و بما يشكل أيضا فرصة مقابلة للبنوك الاردنية بدخول هذا السوق و تحقيق معدلات مرضية من الربحية والتوسع.
أما بخصوص أنبوب النفط العراقي، فلا بد أيضا من التأكيد على اهمية هذا المشروع من خلال رفد الخزينة بحوالي 200 مليون دينار سنويا، و كذلك من حيث تخفيض كلف النقل على مصفاة البترول و بالتالي تخفيض الاسعار المحلية على المستهلك الاردني.
كما يجب التوضيح بأن العراق كما الاردن بأمس الحاجة لتمرير مثل هذا المشروع. فالأردن بحاجة الى رفد الخزينة و تنويع مصادر الطاقة، بينما يحتاج العراق الى تأمين و تنويع خطوط النقل لصادراته النفطية، خصوصا بعد العلم بأن عجز موازنة العراق "باستثناء الايرادات النفطية" يصل الى 70% من الناتج الحلي الاجمالي.