القرار السياسي في الأردن يقف هذه الأيام مطولا في شرفة الأزمة السورية، مع قرب انعقاد مؤتمر جنيف المقبل،والأزمة السورية بصفتها أزمة اقليمية من جهة، وأردنية في تداعياتها تترك اثارا حادة على موقف الأردن البنيوي،خصوصا، انها باتت أزمة ممتدة.
ينظر الأردن الى الأزمة السورية من بضع زوايا، أبرزها، امكانية استقرار الوضع في سورية سلمياً، ثانيها- أهمية تجنب الحرب، ثالثها- تأثيرات اللجوء السوري على الأردن، ورابعها- ملف الجماعات العسكرية المسلحة في مناطق جنوب سورية، والعنوان الخامس الذي لاتسمع عنه اجابة حاليا، ويتعلق بطبيعة العلاقة مع دمشق الرسمية خلال السنين المقبلة، ثم سادس الحسابات مايتعلق بالأزمة السورية كحلقة ضمن حلقات تؤثر على شكل المنطقة النهائي.
وفقا لنفي مطلعين فإن الأردن لم يتعرض أولا، الى ضغوطات للتدخل العسكري في سورية، عبر ارسال عسكريين اردنيين لاقامة مناطق آمنة، أو لاي سبب آخر، وعلى افتراض انه تعرض الى ضغوطات، فأين هي نتائج هذه الضغوطات ميدانياً؟!.
الوقت الفاصل بين سيناريو التدخل العسكري الأردني في سورية، وهذه الايام، وقت طويل، ولم يثبت ان الاردن سعى الى اي تدخل، ويقول هؤلاء ان الملك لايقبل ان يضع عسكريا اردنيا واحدا في هكذا ظرف دموي، وكل مايهم الاردن استقرار سورية من جهة، وحفظ امن الاردن ومنع تسلل أخطار الأزمة السورية اليه.
النفي ذاته يتكرر على مستوى تدريب جماعات سورية، أو تهريب السلاح، أو تمرير المقاتلين السلفيين، معتبرين ان التسلل قد يكون حدث في الفترة الاولى، اما هذه الايام فإن اي دخول لمقاتلين سلفيين اردنيين لايجري عبر الحدود الاردنية المراقبة تقنيا بطريقة تمتع التسلل بالاتجاهين بل يتم عبر السفر الى دول اخرى وصولا الى سورية؟!.
الاردن كان يسعى لتجنب سيناريو الحرب بكل الوسائل وهو لايريد الحرب؛ لأن تأثيراتها ستكون ممتدة على كل جوار سورية، وفي ذات الوقت فإن الاردن يرغب بأن ينجح الحل السياسي لهذه الازمة، هذا على الرغم من وجود تساؤلات كثيرة حول تفاصيل المؤتمر ومن سيشارك من الدول، ومن سيغيب، وكلفة الغياب ايضا لو تم استثناء بعض الدول؟!.
في ذات الحسابات الاردنية مواقف لدول عربية تتشدد في ادارة الموقف من الازمة السورية، وفي المحصلة فإن الحل السياسي طوق نجاة لكل المنطقة.
يرى الاردن ان هناك خطراً يتعلق بمرحلة مابعد الحل السياسي، وعلى افتراض نجاح الحل السياسي كنص مكتوب فإن اهم التحديات تتعلق بمدى القدرة على تسييل الحل ميدانيا وانفاذه على الأرض في سورية، ثم ارتداد الجماعات المسلحة على الأردن.
يرى الاردن ان لاخطر حاليا من هذه الجماعات على الاردن، وان كان لايلغي الخطر في المطلق، بقدر مايقوم بجدولته الى مرحلة اخرى.
الازمة السورية لايمكن حوصلتها في حدودها السورية اذ انها ازمة اقليمية، والاردن يعتقد ان الهلع العربي والدولي من التفاهمات التي جرت مع ايران كونها رأس هذا المعسكر قد يحوي مبالغة الى حد ما؛ لأن المعلومات في عمان تتحدث عن تفاهمات بخصوص السلاح النووي فقط، دون ان تكون هناك صفقة اقليمية تتعلق بترسيم النفوذ في المنطقة لصالح هذا المعسكر أو ذاك!.
هذا الرأي مفاجئ؛ لأن الاعتقاد العام تشكل على فكرة قطف ايران وتوابعها لثمار شغب معسكرها طوال سنوات،وفي كل الحالات فإن التفاصيل التي تقدمها واشنطن لدول المنطقة تريد ان تثبت من خلالها أنّ الصفقة مع طهران لن تؤدي إلى خذلان حلفائها التقليديين!!.
من العناوين الهامة التي يتوقف عندها القرار السياسي في الأردن ذاك الذي يتعلق بمستقبل العلاقة مع دمشق الرسمية، والواضح وفقا لمعلومات ان الاتصالات الفنية بين عمان ودمشق لم تغب طوال الفترة الماضية، خصوصا،حين تصل القذائف السورية الى مناطق أردنية والخط الاحمر متصل بين البلدين، فوق ملف اللاجئين، الا ان الخط السياسي مازال مُعلقاً.
الاغلب ان الاردن ينتظر حسم الازمة السورية ليعرف بوصلة طريقه في العلاقات مع دمشق، ولايبدو ان الاردن يستعجل ارسال رسائل غزل الى دمشق الرسمية هذه الايام؛ لأن كل المنطقة ما زالت معلقة، ووجهها النهائي غير ثابت الملامح.
عبر هذه الزوايا الحادة يمكن القول، إن الاردن ولاعتبارات الملف السوري من جهة والملف الفلسطيني من جهة اخرى، وبقية ملفات الاقليم، يعتقد ان العام المقبل عام حساس وفاصل على كل المنطقة، ويراه عاما لتحديد وجه المنطقة وتحالفاتها النهائية، خصوصا في ظل المخاضات التي نراها في أغلب الدول العربية والتي تقول، إن الحسم المؤجل، لن يبقى مؤجلا.
الأردن سيكون عليه واجب التعامل مع منطقة جديدة العام المقبل، برأس وجسد جديدين، والحسابات المجدولة لن تبقى مجدولة الى مالانهاية...هذه هي الخلاصة.
(الدستور)