أهمية الإســـتثمار في البنية التحتية
د. عادل محمد القطاونة
23-12-2013 02:59 AM
عجز في الموازنة، ضعف في الصادرات، تواضع في النمو، محدودية في الدخل، قصور في الخدمات، قلة في الامكانات ، كل هذا وأكثر وبدون مجاملات أو مزايدات مثل جزءاً من المشكلة الاقتصادية التي يعاني منها الوطن على الرغم من تعدد الخطط الرامية لتحقيق الاصلاح الاقتصادي ومنذ سنين ولأن الملف السياسي كان ولا يزال الشغل الشاغل للحكومات فقد تضاءلت الرؤيا الاقتصادية الشمولية مع الأيام والسنين وأضحى الملف الاقتصادي نسخة عن النسخة السابقة مع بعض الإجتهادات في بعض البنود !
يدرك رجال المال والأعمال بأن إدارة الإستثمار هي من صعوبة بمكان ، فالجميع سواء على مستوى الأفراد أوالحكومات يسعون دائماً إلى زيادة إستثماراتهم في شتى المجالات كما يدرك الاقتصاديون بأن المحرك الدافع للاستثمار يكمن في تهيئة البنية التحتية الملائمة، أي أنه لا يوجد إستثمار بدون بنية تحتية تمثل الأساس القوي الثابت الذي يُمكن الجميع من العمل بثقة ، في مقابل ذلك فإن الإستثمار في البنية التحتية يعتبر من أهم أنواع الاستثمار في العديد من الدول المتقدمة والتي تضمن من خلاله تدفق مليارات الدولارات سنوياً إلى بلدانها قتحقق من خلال معادلة اقتصادية متكاملة أفضل السبل في إدارة الاستثمارات المحلية والخارجية.
إن الاستثمار على مستوى الاقتصاد الوطني يتعلق بالإنفاق الرأسمالي على المشروعات في قطاعات المرافق العامة والبنية التحتية مثل مشاريع شق الطرق الرئيسية والفرعية ومشاريع تمديدات المياه وتمديدات الصرف الصحي وتهيئة المخططات العمرانية ومشاريع البناء والإسكان وتمديدات الكهرباء وتوليد الطاقة ومشاريع التنمية الإجتماعية في مجالات التعليم والصحة والاتصالات بالإضافة إلى المشاريع التي تتعلق بالنشاط الاقتصادي لإنتاج السلع والخدمات في القطاعات الإنتاجية والخدمية كالصناعة والزراعة والإسكان والصحة والتعليم والسياحة.
إن الاستثمار في البنية التحتية يسهم وبما لا يحمل الشك في تحقيق العلامة الفارقة بين الدول ، فالدول المتقدمة استطاعت أن تتقدم على سلم دولم العالم من خلال البنية التحتية المتقدمة التي أدت إلى تقديم خدمات متقدمة ومشاريع مميزة وصناعات فريدة فدائرة العمل الاقتصادي والاستثماري المدعومة بالعامل البشري المؤهل أسهمت في إرتقاء هذه الدول وانعكس كل ذلك على المستوى المعيشي للمواطن وتحسين ظروف الحياة الإجتماعية فمتطلبات المعادلة تقتضي بالمساواة في الحقوق والواجبات وبين العمل الجاد والمخلص من قبل المواطن والبنية التحتية القوية والاستثمارات النوعية.
تسهم البنية التحتية في تفعيل إنتاج البضائع والخدمات لأي دولة من الدول، بالإضافة إلى توزيع المنتجات في الأسواق والخدمات الإجتماعية الأساسية ، مثل المدارس والمستشفيات وغيرها وعليه فإن الغالبية العظمى تؤمن بأن البنية التحتية هي أي شيء يلزم للحياة اليومية أو كل شيءيستخدم بشكل يومي.
لقد استطاعت بعض الدول من إجتذاب ملايين الدولارات يومياً للإستثمار في البنية التحتية معتمدة بشكل أو بآخر على فرص الأعمال طويلة الأجل وهنا يبرز الدور الحيوي للقطاع الخاص بتنفيذ مشروعات بنية تحتية عديدة من خلال الشراكة مع القطاع العام (PPP).
لقد استطاعت دول مثل تركيا وكوريا الجنوبية من تنفيذ العديد من المشروعات ذات الصلة بالبنية التحتية في مجالات التعليم، الطاقة، الدفاع، الصحة، النقل، الفنادق، البناء والخدمات العامة الأخرى وقد بلغت استثمارات الدولةالتركية في قطاع الطاقة لوحده أكثر من ١٠٠ مليار دولار أمريكي حيث جذب قطاع البنية التحتية في تركيا استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة. (CBRTالبنك المركزي التركي ، 2011)
إن المتابع للخطط الحكومية الطموحة والجادة لبعض الدول يلمس أن هنالك أهدافاً طموحة لقطاع البنية التحتية وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن تركيا تطمح لأن تكون واحدة من أكبر 5 اقتصادات في العالم خلال السنوات القليلة القادمة وهو ما سيتطلب بطبيعة الحال استثمارات ضخمة في البنية التحتية وذلك في مجالات مثل بناء موانئ، جسور، مطارات، طرق، سكك حديدية وخطوط سكك حديدية فائقة السرعة ومستشفيات جديدة وغيرها.
إن الاستثمار المحلي والأجنبي والمباشر وغير المباشر وقصير الأجل ومتوسط وطويل الأجل والاستثمار المالي والبشري والاستثمار ذو العائد السريع والبطيء وفي كافة مجالات الاستثمار العقاري منها والسياحي والصناعي و الزراعي وغيرها يستلزم من الحكومة أن تضع في خططها الاقتصادية كافة المتغيرات ضمن قالب وطني يكفل عكس هذه الاستثمارات على المستوى المعيشي للمواطن الأردني.
إن الرغبة في الربح والتفاؤل ومواجهة احتمالات زيادة الطلب وإتساع الأسواق والتقدم العلمي والتكنولوجي وبناء رأس المال الاجتماعي والاستثمار بدافع التنمية الاقتصادية وتوفر الموارد البشرية المتخصصة والاستقرار السياسي والاقتصادي ومواجهة احتمالات زيادة الطلب هي أهم العوامل التي تشجع المستثمرين على الاستثمار ، في مقابل ذلك فإن الرغبة في الاستثمار والتوقعات الاستثمارية والظروف المحيطة بالاستثمار والسياسات الاقتصادية وسعر الفائدة وعدم الاستقرار تعتبر من التحديات التي تواجه أي استثمار كان مما يستلزم وجود سياسات اقتصادية ملائمة تتسم بالوضوح والاستقرار وأن تنسجم القوانين والتشريعات معها وأن يكون هناك إمكانية لتطبيق هذه السياسة ، فالسياسة المالية أو الاستثمارية يجب أن تتوافق مع مجموعة من القوانين المساعدة على تنفيذها ، والقوانين يجب أن تكون ضمن إطار محدد من السياسة الشاملة.