تلفزيون ام الحيران .. عن جد: المسألة مخجلة جدا!
خالد محادين
05-02-2008 02:00 AM
في موعد واحد وصل الثلج الى الأردن و سوريا و لبنان و كانت كميته في البلدين الشقيقين ضعف كميته في بلدنا و كان لونه أبيض و لكننا وحدنا و عبر تلفزيون أم الحيران من كان يتحدث عن لونه حتى اعتقد بعض الأطفال أن للثلج ألوانه المختلفة و أن الذي سقط فوق بلدنا هو الثلج ذو اللون الأبيض.
ما حدث بعد هطول الثلج مثير للسخرية إذ أعلن التلفزيون الطوارىء و على صورة تعكس إفلاسه و حجم سذاجته في التعامل مع مسألة لا تستحق كل هذا الإشغال لساعات البث و كل هذه الإتصالات الهاتفية التي يجريها مذيعون و مذيعات مع نفس الأشخاص و يوجهون نفس الأسئلة و يتلقون نفس الإجابات و يرددون و يرددون ذات الكلمات التي لا تقول شيئا سوى أن الوطن جميل و ان سواعد أبنائه قوية و أن الثلج إحدى النعم التي خصتنا بها السماء و أن المسؤولين لا ينامون الليل و لا فترة الظهيرة وأن الجرافات تعمل بكل طاقاتها و أن كل شيء على ما يرام و لا أدري من طرف من يرام؟!
على إمتداد ساعات النهار و بسبب إفلاسه المعروف كانت الفرصة لتلفزيون أم الحيران كي يواصل على إمتداد الساعات تكرار ما يقوله من عشرة سطور لا تزيد و تنقص تطل علينا أول مذيعة لتلقي ذات الكلمات التي أشرنا إليها سابقا عن الوطن و الثلج الأبيض و الكبرياء الوطني ووعي المواطن و إستمرار عجلة الحياة و الإنتاج و تبدأ بإتصالاتها الهاتفية مع المحافظين محافظا بعد محافظ توجه إليه ذات الأسئلة الغبية و تتلقى منه ذات الأجوبة الرسمية ثم تشكره و تنتقل للإتصال مع محافظ آخر و هكذا حتى تنتهي قائمة المحافظين لتبدأ إتصالاتها مع العلاقات العامة في مديرية الأمن العام ثم العلاقات العامة في مديرية الدفاع المدني ثم مع وزير التربية و التعليم فوزير الأشغال فوزير المياه و عندما تنتهي فترتها تودعنا بإبتسامة ساحرة و تجلس مكانها زميلة ثانية تقوم بذات الأعمال الباهرة التي قامت بها زميلتها قبل دقائق و تكرر مثلها نفس العبارات البلهاء و تجري جميع الإتصالات الهاتفية التي سبق لزميلتها أن أجرتها قبل ربع ساعة ثم تودع المشاهدين لتأتي زميلة ثالثة و هكذا دواليك من الصباح الى ساعات المساء حيث تحل الندوات و اللقاءات التي لا توجه خلالها أسئلة ذات قيمة و لا نسمع خلالها أجوبة ذات قيمة.
سقوط الثلج – و أعني الثلج الأبيض – في بلدنا بالنسبة للتلفزيون شهر العسل الذي يظل ينتظره من الشتاء الى الشتاء إذ هذه هي الفرصة الوحيدة لكي يكون له مشاهدون.
في سوريا محطات تلفزيون حكومية و في لبنان محطات تلفزيون أرضية و فضائية تبث على مدار الساعة و لكننا لم نشاهد هذا المهرجان المضحك الذي يقيمه تلفزيون أم الحيران يقام لدى تلك المحطات و الفضائيات السورية و اللبنانية مع أنني أعتقد أن الثلج الذي سقط فوق هذين البلدين الشقيقين لونه أبيض أيضا و أن لديهما محافظين و مديريات للأمن و الدفاع المدني و لا يخلو البلدان من النشامى الذين لهم سواعد. كان كل ما قدم في تلك المحطات السورية و اللبنانية أخبارا عن هطول الثلج في اليوم الأول و لم نعد نسمع في نشرات أخبارها قصة طويلة عريضة مملة عن سقوط الثلج أو ندوات و لقاءات و إتصالات هاتفية مع المسؤولين في هذين البلدين و السبب بالطبع ان لديهم من القدرات و المواهب و البرامج ما يغطي ساعات بثهم الكثيرة بالمفيد و الممتع و المسلي في حين أن إفلاس تلفزيون أم الحيران من القدرات و المواهب و البرامج يكون الفرصة لكي يكون الثلج موجز الأنباء و تفصيلها و موضوع الندوة و الغناء الممل بالوطن.
مسألة أخرى لا بد من الإشارة اليها و هي المتعلقة بحجم نفقات تلفزيون أم الحيران من مواد المكياج و أدواته و قناطير الدهانات فهذا الذي تلطخ به غالبية مذيعات التلفزيون الأردنية وجوههن و أعناقهن و ما يظهر من سواعدهن يؤكد أن هناك تبذيرا و محاولة محكومة بالفشل من قبل خبراء المكياج أو الدهان في التلفزيون في أن يجعل مذيعة على غير ما خلقها الخالق و أعتقد أنه بعد إنتهاء فترة المذيعة فإنها ستجد نفسها مضطرة للدخول في منجرة التلفزيون أو مغسلة سيارات لنتمكن من إزاحة كل هذا الكم الهائل من المواد التجميلية ، و هي مواد لا تكفي لإظهار مذيعة جميلة! إذا كانت عاجزة عن طرح سؤال من خمس كلمات و حرصها على قراءة السؤال من ورقة بين يديها الأمر الذي يؤكد درجة ذكائها و سعة ثقافتها.
اللهم بيض وجه تلفزيوننا مرة واحدة كما بيضت ثلجنا إنك سميع مجيب الدعاء.
Kmahadin@hotmail.com