خمسة أيام ونحن محاصرون ببعضنا البعض في المنزل بسبب الثلوج، وبذات القدر الذي نفرح به بعطلة استثنائية، نناشد الحياة العودة إلى رتابتها كي ننفك من هذاالحصار العائلي الطويل، ويابخت من زار وخفف.
نرتبط بعلاقة عاطفية مع الثلج، ففترات الهطول الأولى رفعت عند الأردنيين منسوب الأدرينالين شوقا وفرحا للقياه، ثم تعاظم الشعور بالمتعة بمرافقة اجازة مباغتة،ذلك أن أجمل المواعيد العاطفية تلك التي تأتي دون ترتيب مسبق.
فرحة وكستنا وشوربة عدس ومزيد من التخمة والاسترخاء..لكن الزائر أثقل، وصار البقاء في المنزل اجباراً لا خياراً، ولم يبق من طقوس الثلج أيّ بهجة إلا أن تفرغ ضيقك على من حولك.
فماذا تعني خمسة أيام؟ أن يضطرأفراد العائلة الواحدة البقاء ضمن حيز واحد فترات طويلة، فلا شيء نعمله ولا أمر ننجزه، وعلمياًيتداخل بين الأفراد الحيز الكهرو مغناطيسي المحيط بكل منهم ويتم تفريغ الشحنات السلبية من شخص لآخر ثم ترجمتها على هيئة مناكفات وخناقات..فالزوج لم يعتد المكوث فترات طويلة في البيت،سيحاصر بطلبات وضجيج الأبناء ويصيبه شعور بالاختناق.
الزوجة أيضاً ترى أن البيت يأتمر بأمرهافلن تحتمل تدخّل زوجها المستمر بأمور منزلية لا تعنيه، والأبناء يزدادون صخبا لأن بداخلهم طاقة لا يمكن تفريغها داخل المنزل إلا بشكل مزعج. وهل يقارن هذا كله بمريض تقطعت به السبل أو فقير يكابد العوز والبرد، أو بمن فقد كثيرا من مقومات الحياة اليومية بانقطاع الكهرباء طيلة أيام البرد القارس وظل يكابد بكاء أبنائه وحاجتهم للدفء.
الشلل امتد أياما عديدة بدا واضحا فيها التخبط الحكومي وضعف الجاهزية وتبادل اللوم، لكن ذلك لا يعفي كل من تذمر من تراكم الثلوج أمام بيته من المساءلة المجتمعية، فلو أن كل بيت من بيوت الحي بادر بتنظيف أمتارقليلة أمام بيته لساهمنا ولو بشيء يسير في حل المشكلة..ألم يحن موعد تغيير لهجتنا في البحث عن حلول بدل لطم الخدود ذلك أن الظروف من حولنا كلها تتغير حتى الظروف المناخية.
ولندرك أنّ مشكلاتنا تظلّ هيّنة وصغيرة أمام من فقدوا الدار والأمان ولجأوا إلى زمهرير وقحط الخيام. اللهم لك الحمد على نعمك الكثيرة.
(الرأي)