الثلوج .. تُسقط ورقة التوت عن المسئولين
د.خليل ابوسليم
17-12-2013 04:14 AM
بقدر ما كانت الثلوج مصدر خير وفرج للناس والوطن- وكيف لا تكون وهي رحمة من الله لعبادة المستضعفين-، كانت على البعض بمثابة الكارثة التي حلت فوق رؤوسهم، وذلك نتيجة للقصور الواضح في أداء الأجهزة لواجباتها في مثل تلك الظروف.
أعتقد أن هذه الظروف ليست مجال عمل القوات المسلحة بالتأكيد، بقدر ما هي من اختصاص أمانة عمان والبلديات في المدن على مساحة الوطن الجميل، وتلك أثبتت فشلا ذريعا ليس في التصدي للازمة فحسب بل بعدم قدرتها على إدارتها.
هذا الأمر تطلب تدخلا مباشرا من القوات المسلحة، وعلى رأسها جلالة الملك للوقوف على تلك الأزمة، ولقد شاهد الجميع الملك وهو يقوم بدفع سيارة احد المواطنين بعد أن علقت بين الثلوج.
ما أود التأشير عليه مباشرة بعيدا عن التورية أو التزلف والنفاق، هي تلك النفوس المريضة التي تناولت تصرف الملك العفوي على انه كان من باب الاستعراض ليس إلا.
دعوني أرد عليهم بالقول، أن الملك منزه عن الاستعراض ولو أراد ذلك فهذا ليس مكانه بالتأكيد، كما انه ليس مضطرا للقيام بذلك، ولكنها رسالة قوية ذات مضامين عميقة أراد إيصالها لجميع المسئولين في أجهزة الدولة على مختلف مستوياتهم الوظيفية، بدءاً من رئيس الوزراء إلى الموظف العامل على المقسم، بعد أن لمس قصورا واضحا من قبل كل أولئك المتدثرين بلحاف الدولة في أوقات الرخاء.
لقد سمعنا وشاهدنا هؤلاء المسئولين وهم يتسابقون للإعلان عن عدم وجود مشاكل في المناطق الواقعة ضمن نطاق اختصاصهم سرعان ما يخرج مواطن بسيط من رحم المعاناة ليكشف زيف وكذب تلك الإدعاءات والتصريحات.
وعندما استفحل الأمر وبان الوضع بعكس ما يدعون، لم يجد أولئك المسئولين إلا ذلك المواطن البسيط لإلقاء اللوم عليه باعتباره كان سببا في إعاقة جهود الإغاثة وفتح الطرق وإيصال المعونات لمحتاجيها.
نعم، كان هناك نفر من المواطنين غير المنضبطين، ولا شك أنهم أعاقوا العمل في بعض المواقف، وهذه نسبة لا تذكر في تعداد المواطنين الجاثمين على ارض الوطن، أما أن يُسجل معظم مسئولي الدولة في كافة مواقعهم هذه الإخفاقات فاعتقد أن هذا شيء معيب ويستدعي لا بل يتطلب إعادة النظر بكل أولئك المسئولين المستهترين بأرواح الناس ومصائرهم.
ومن نعم الله علينا في هذه الظروف، أننا تمكنا من معرفة أسماء بعض الوزراء والمحافظين ورؤساء البلديات، تلك الفئة التي هبطت علينا بحكم الشللية والمحسوبية والواسطة، ولم تتمكن من تقديم أي شيء يذكر في مواقعها باستثناء النفي المستمر لما يجري على ساحة الوطن، وقد ساعدهم على ذلك توفير منصة إعلامية لا تقل كذبا وتزييفا عنهم واقصد هنا مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التي قامت بهذا الدور على أكمل وجه، باعتبار أن رسالتها هي نقل وجهة نظر المسئول بعيدا عن ما يحدث على ارض الواقع، وبعيدا عن المصداقية في تناول حقيقة ما جرى وزال يجري.
نقولها وبكل تجرد، إن بقينا على هذا الحال فان البلد في طريقها للعودة إلى تلك الأيام التي كان فيها الناس يستعينون بالطبيعة وما توفر فيها- إن أبقوا فيها شيئا- لقضاء حوائجهم، بعد أن تخلت عنهم إحدى أهم المؤسسات الوطنية، واعني هنا تحديدا شركة الكهرباء التي وقفت عاجزة عن القيام بمهماتها باستثناء دعوة المواطنين إلى عدم سرقة الكهرباء من خلف العداد وهي من دفعت بهم لمثل تلك الأمور بعد أن أصبحت الكهرباء حلما يراود الجميع.
نحن بحاجة إلى إعادة النظر بكل أولئك المسئولين، مذكرين بأن البعض منهم قد انتهت صلاحيته منذ القرن الماضي وما زال يجثم على الصدور، ولكم أن تتصوروا أن بعض المسئولين وفي الظروف الطبيعية لا يستطيع قضاء حاجته إلا بمساعدة صديق، فكيف به سيعمل على خدمة المواطنين وقضاء حوائجهم في أحلك الظروف.
كما أننا بحاجة ماسة لضخ الدماء الجديدة في مراكز صنع القرار بعيدا عن الشللية والمحسوبية والواسطة، ولابد من استغلال كافة الموارد المتوفرة على أفضل وجه بما يحقق ديمومة الحياة الحرة والكريمة للمواطن المغلوب على أمره.
لقد آن الأوان لمعظم هؤلاء الترجل عن صهوة المسئولية وإخلاء الساحة بعد أن سقطت ورقة التوت عنهم جميعا وكشفت عورتهم ونحمد الله أن المواطن لم يكن سببا في ذلك حتى لا يتهم بالتجني والاصطياد في الماء العكر، ولكنها إرادة الله التي أبت إلا تعرية كل هؤلاء وكشف زيفهم وعدم قدرتهم على القيام بواجباتهم.
بقي شيء واحد حيرني ولم أجد جوابا له، وأود من أمين عمان الإجابة عليه بعد أن أخفقت قشاطته في إزاحة الثلوج وفتح الطرق، ألا وهو التأشير على الأطراف الخارجية التي لا تريد للأردن الخروج من هذه الأزمة حتى نأخذ حذرنا منها في الثلجة القادمة....وكل ثلجة وانتم بخير.