أجواؤنا غير طبيعية لا أعني الثلج والطرق والمدارس والجامعات وقرارات التعطيل أو تأخير الدوام ، بل ظروف الأمة وبخاصة المذبحة المقننة التي تجري بمشاهدة عالمية للشعب السوري حيث الدم الشلال يسيل بغزارة ، وتحولت قصة المذبحة إلى أسلحة كيماوية وكأن شلال الدم يسيل بالكيماوي ؟! الكيماوي لا يسيل الدم بل موت دون إراقة للدم ، المذبحة تجري بالأسلحة العادية قنابل وصواريخ ومدافع ودبابات .
لقد كتبت العديد من المقالات عن المذبحة السورية وها أنا أعود إليها يوم رأيت الملك عبدالله الثاني يوزع الكراتين وتذكرت الأسد وهو يوزع البراميل !!! كراتين فيها الحليب والمواد الغذائية بينما تمتلىء البراميل ب tnt ، رئيس يقتل شعبه من أجل كرسي سيغادره عاجلا ً أم آجلا ً، وملك يرى أن واجباً عليه تجاه شعبه !!.
إن هذه البانوراما ترجعنا إلى التذكير بأن واجب الحاكم رعاية شعبه والدفاع عنه وحمايته وتعليمه وتوفير الأمن له واحترام حقوقه وأولها حق التعبير وحق النقد وحق المشاركة في السلطة وحق الرقابة على المال العام . الحاكم النظيف يرى نفسه خادماً لأمته فهو واحد منهم يسيئه ما يسيء إليهم ويسره ما يسرهم ، الحاكم الذي يريد أن يذكر بالخير بعد رحيله لا بد أن يفعل الخير وأن يكون هذا الفعل سياسة دائمة في الصيف والشتاء ، في السلم والحرب ، في الفقر والغنى .
لا يرى نفسه أحسن منهم فلا يتكبر ولا يستعلي بل يتواضع غاية التواضع ، وأتذكر الحسين الراحل وقد جالسته على انفراد حيث كان يجلس على طرف الكرسي ويخاطب سامعه ب” سيدي “ ، وجالست الملك عبدالله الثاني فيطلب مني الرأي ويستنصح في المسألة المعروضة . جالست عبدالحليم خدام يوم كان نائباً للرئيس فكان يتحدث بفوقية ورفض واستعلاء ، وجالست القذافي ورأيت الكبر عياناً ولمست الغطرسة باليد وشاهدت الفرعنة والقورنة ( نسبة إلى قارون ) بأم عيني .
يتحدث الملك عن الناس فيقول شعبي ، ولما سئل عن الإخوان قال : هم جزء من أبناء شعبي !! فماذا قال القذافي ؟؟ قال فئران وجراذين !!!! وماذا قال الأسد ؟؟ قال جراثيم وفيروسات !!!! هذا لا يمكن أن يصدر عن ملوك الأردن لأنهم يعرفون كيف يكون الحكم وكيف يكون الاقتراب من الناس ، لقد اعتمدوا الخلق في التقرب من الناس بينما اعتمد القذافي والأسد الحديد والنار والدم والتشريد . نعم فرق كبير بين الكراتين والبراميل .
(الدستور)