عندما يلتزم الناس بيوتهم، ولا يخرجون إلاّ للضرورة يستحقون الشكر، فقد خدموا أنفسهم أولاً، وقدموا معروفاً للمجتمع، إذ أنهم لم يصبحوا عبئا على غيرهم بخروجهم الفضولي الذي يؤدي إلى زيادة الازدحامات والاختناقات المرورية، هذا إذا لم يركنوا سيارتهم وسط الشارع من أجل التقاط الصور لأبنائهم وعائلاتهم، ليجدوا ما يشغلون به الناس على صفحات «الفيس بوك».
حق علينا جميعاً أن نقدم التحية والشكر للذين تقتضي أعمالهم الخروح، والذين يتركون عائلاتهم وأبناءهم ويغادرون بيوتهم الدافئة، من أجل القيام بواجباتهم الضرورية، وتقديم الخدمة للمواطنين، ولذلك أول من يستحق باقات الشكر: رجال المرور وشرطة السير الذين يمضون أوقاتهم على مفارق الطرق، ويجوبون الشوارع من أجل تنظيم حركة مرور المواطنين وتسهيل حركة السيارات، وتقديم العون لكل من يحتاجها، وكذلك إلى كل رجال الأمن العام الذين يعيشون حالة الطوارئ في كل مواقع عملهم.
الفئة الأخرى التي تستحق التقدير هم رجال الدفاع المدني، الذين تتضاعف واجباتهم وتتعدد وظائفهم في مثل هذه الظروف الطارئة، فتراهم يهرعون إلى البيوت التي تداهمها السيول، أو العائلات التي تضررت بفعل المدافئ أو حوادث السيارات، أو تقديم الإسعافات الأولية لأصحاب الإصابات، ونقل المرضى الذي يتوجب إيصالهم إلى المستشفى مثل مرضى غسيل الكلى وما ماثلهم، فلقد تابعت بعضاً من أعمالهم وما يقومون به من خدمة للمواطنين، فنشعر بضرورة تقديم كلمة شكر بحق هؤلاء الجنود المجهولين، الذين لا نعرف أسماءهم ولا هوياتهم.
فئة أخرى يجب ألا تغيب عن بال المواطنين في مثل هذه الظروف، هم: الأطباء والممرضون والكوادر الإدارية في المستشفيات والمستوصفات الصحيّة والعيادات، فهؤلاء الذين يتجشمون الصعوبات الجمة، من أجل الوصول إلى أماكن عملهم لتقديم الخدمة الصحية والتمريضية إلى أصحاب المعاناة والمرضى والمصابين.
وعندما نخص هذه الفئات بالذكر يجب ألا ننسى كل الدوائر الخدمية، بدءاً من الحكومة وما يتبعها من مؤسسات، بخاصة أولئك الذين يضطرون إلى المناوبة الإدارية، أو الإشراف بأنفسهم على سير بعض الأعمال الميدانية، ويأتي في هذا السياق رجال أمانة عمان والبلديات، الذين تجدهم تحت المطر، وبين أكوام الثلج من أجل الإشراف على فتح الشوارع وإزالة الإغلاقات في الطرق، وتقديم الخدمة للمواطنين وهم يضطرون للوقوف في الأجواء الباردة ساعات طويلة.
لقد شعرت بالامتنان تجاه أصحاب بعض المبادرات الذين تجمعوا من أجل تقديم الخدمة التطوعية تحت اسم (مجددون) وحملة (دفا)، حيث يقومون بتوزيع (الحرامات) أو (الصوبات) أو بعض المساعدات الضرورية لبعض العائلات الفقيرة والمحتاجة في مثل هذه الظروف القاسية، وقد كانوا نموذجاً للشباب الطموح، حيث يمكن أن يكونوا نموذجا لأصحاب الهمة العالية الذين يهرعون لتقديم المساعدة في مثل هذه الأجواء وهذه الظروف الصعبة البالغة القسوة.
كل من هب لتقديم الخدمة من الجيش والقوات المسلحة أيضاً يستحقون أن تقدم لهم التحية بخاصة في الأماكن الحدودية والبوادي والصحاري البعيدة والقرى المنعزلة البعيدة عن مراكز تقديم الخدمة المتوافرة في المدن.
بقي أيضا أن نزجي الشكر لرجال الإعلام في كل المواقع الإخبارية، الرسمية والخاصة، من الذين سهروا على تقديم الصورة الصحيحة للمسؤولين، وتوصيل صوت أصحاب الحاجة وتوصيل الشكاوي إلى أصحاب المسؤولية، ومتابعة حلها، فهؤلاء يقومون بواجب كبير على قدر كبير من الأهمية، عندما يتم ذلك بعلميّة وموضوعية ومهنية عالمية،تخلو من المبالغة وتخلو من أعمال الإرتباك والإعاقة بكل تأكيد.
نشكر كل من يقدم الخدمة للمواطنين من هذه الفئات و الفئات الأخرى التي لم يتم ذكرها ، فكلهم يستحقون أن نشعرهم بالامتنان، وأن نقدم لهم التشجيع الذي يستحقونه، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
(الدستور)