الضمان .. نداء أخير للسادة الأعيان والنواب
م.سميح جبرين
16-12-2013 09:09 PM
نظراً لما يحظى به قانون الضمان الاجتماعي من أهمية كبرى من كافة أطياف المجتمع الأردني ،فقد بات الجميع يعلم الخطوات التي مر بها هذا القانون ،من تعديلات من المجلس النيابي ،ورفض لبعض المواد من مجلس الأعيان ،وأصرار من المجلس النيابي على التعديلات ،مما يستدعي عقد دورة تصويت مشتركة من المجلسين على القانون ،وقد تكون نتيجة التصويت ،الرفض للقانون ،وهذا يعني تأجيل النظر بالقانون لسنة قادمة على الأقل ،حيث لا يجوز قانونياً طرح القانون مرتين أمام مجلس الأمة بنفس الدورة الواحدة ،وهذا خيار لا يرغب به أحد .
ولتفادي السيناريو السابق ،فلقد علمنا من خلال وسائل الأعلام بأنه تمَّ تشكيل لجنة مشتركة مكونة من معالي الدكتور رجائي المعشر ،رئيس اللجنة المالية بمجلس الأعيان ،ومن سعادة النائب المهندس عدنان السواعير ،رئيس اللجنة العمالية بمجلس النواب ،ومن مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي ،عطوفة السيدة نادية الروابدة .حيث عقدت هذه اللجنة أكثر من لقاء وتمَّ التفاهم (لا ندري هنا مدى دستورية هذه التفاهمات ،والسادة أعضاء المجلسين يدركون ما أعنيه هنا دون الدخول بالتفاصيل)على جميع المواد الخلافية باستثناء المادة المتعلقة بزيادة التضخم السنوية للمتقاعدين مبكراً ،ولقد تمَّ تسريب أكثر من سيناريو لحل الخلاف حول هذه المادة ،منها ،أن تشمل الزيادة المتقاعدين مبكراً الذين يتقاضون رواتب تقاعدية 500 دينار فما دون ،وسيناريو آخر ،بأن تشمل الزيادة من تكون رواتبهم 1000 دينار فما دون .
بقيت جلسة أخيرة للجنة المشتركة وذلك قبل اللجوء للتصويت المشترك للمجلسين على القانون ،وذلك للتفاهم على آخر نقطة خلافية ،والمتعلقة بزيادة التضخم للمتقاعدين مبكراً،وعلمنا بأن دولة الأستاذ عبد الرؤوف الروابدة ،رئيس مجلس الأعيان سيشارك وبروح إيجابية لحسم الخلاف على هذه المادة ،إيماناً منه بمدى أهمية قانون الضمان الاجتماعي وبضرورة أقراره بأسرع وقت ممكن لما في ذلك من مصلحة للمواطنيين .
وللمساهمة في إيجاد حل عادل لموضوع زيادة التضخم السنوية للمتقاعدين مبكراً ،وبأقل التزامات مالية ممكنة على مؤسسة الضمان ،فإنني أقترح بأن يتم أقرار هذه الزيادة فقط للمتقاعدين مبكراً والذين تقاعدوا على قانون الضمان السابق رقم 19 لعام 2001 ،وذلك للأسباب التالية :
1- هذه الفئة من المتقاعدين مبكراً لجأت لهذا الخيار حتى قبل التفكير بتعديل القانون ،وحيث لم يرد بالقانون السابق أية نقطة تشير الى حرمانهم من أية زيادة سواء سنوية أو بزيادة فوق العادة كأن تكون بمكرمة ملكية ،في حين أنه ورد بالقانون المؤقت رقم 7 لعام 2010 نصوص صريحة وواضحة تفيد بعدم حصول المتقاعد مبكراً على زيادة التضخم لحين بلوغه سن الستين ،وهنا نقول بأنه لا يجوز العودة بأثر رجعي على من تقاعدوا مبكراً قبل إقرار القانون المؤقت وحرمانهم من زيادة التضخم ،خاصة وأنهم حصلوا عليها في مرات سابقة مثلهم مثل متقاعدي الشيخوخة .
2- هذه الفئة تضررت أيضاً بأثر عكسي من إقرار توسعة الشمول ،لتشمل كافة المنشئات التي يزيد عدد العاملين بها عن عامل واحد،حيث كان القانون السابق لا يشمل المنشئات التي يكون عدد العاملين بها خمسة أفراد فما دون ،مما أتاح لهم العمل بعد التقاعد المبكر من دون أن يطالهم القانون بالعقوبة .
3- النقطة التالية وهي الأهم ،إن أعداد هذه الفئة ذاهبة ألى الأنحسار مع السنوات لقرب بلوغ معظم أفرادها لسن الستين ،وهذا يعني بأن مؤسسة الضمان وبعد عدة سنوات من الآن لن تدفع فلساً واحداً لمتقاعد مبكر كزيادة تضخم سنوية .
4- إن ما تسرب من تفاهمات لمنح الزيادة السنوية للمتقاعدين مبكراً لمن تقل رواتبهم عن 1000 أو 500 دينار ،سيرتب على مؤسسة الضمان التزامات مالية دائمة وستزداد سنوياً وستؤثر مستقبلاً على سلامة الوضع المالي للمؤسسة،كما أنها ستبقى تشجع على التقاعد المبكر ،هذا عدا عن عدم عدالة هذا الخيار برغم أنه يطال معظم المتقاعدين مبكراً.
أخيراً نقول ،طالما أن التفاهمات تجري بين مجلس النواب ومجلس الأعيان على قانون الضمان بوضعه الحالي ،وبدون غطاء تشريعي مفهوم يقر بهذه التفاهمات ،وهذا ما يتيح المجال لإعادة النظر بمواد أخرى بمواد القانون لم تكن خلافية ما بين المجلسين .فمن أجل تحقيق أعلى قدر من العدالة بقانون الضمان ،فأنه يتوجب إعادة النظر بآلية أحتساب زيادة التضخم السنوية لجميع المتقاعدين ،بحيث تكون هذه الزيادة متساوية لجميع المتقاعدين ،وليست متناسبة طرداً مع رواتبهم ،لكون هذه الزيادة أقرت بالأساس على نسبة التضخم بالأسعار لسلة المواد الأستهلاكية الأساسية لجميع المواطنيين .فلماذا يأخذ من كان دخله مرتفع زيادة أعلى على مواد يستهلكها بنفس القدر الذي يستهلكه أصحاب الدخل المنخفض.
وكما يجب إعادة النظر بآلية أحتساب الإعالة للأبناء ،بحيث تكون أيضاً متساوية لجميع أبنائنا (وهذا ما تعتمده الحكومة عند زيادة الإعالة لرواتب موظفيها) ،وليست متناسبة طرداً مع رواتب آبائهم . فلماذا يحصل أبناء أصحاب الرواتب المرتفعة على إعالة أعلى من أبناء أصحاب الرواتب المتدنية .فما ذنب طفل أتى لهذه الدنيا ووجد والده يعمل بمهنة متواضعة لا تدر عليه دخلاً كافيا. فالأصل أن تضمن تشريعات الدولة العدالة لجميع الأبناء بحيث تكون فرصهم بالحياة متساوية .
بقي أن نذكر بأن المطالبة بمساواة زيادة التضخم والإعالة للأبناء ،تمت مناقشتها مع العديد من المختصين والباحثين ووجدو بها خطوة مستحقة تهدف لتحقيق الحد الأدنى من العدالة الأجتماعية ،وخاصة أنها لن ترتب على مؤسسة الضمان أي التزامات مادية أضافية ،وأنما إعادة توزيع عادل لمخصصات الضمان لكل من زيادة التضخم و الإعالة .