من المسؤول عن العاصفة الثلجية؟!
فهد الخيطان
16-12-2013 03:56 AM
انقضت الأيام الصعبة. لكننا سنعاني لأيام من تبعات العاصفة الثلجية؛ انجماد يعيق الحركة، وثلوج متراكمة بكميات هائلة، وسيول ستُغرق مناطق منخفضة، فما حصل كان حدثا غير مسبوق منذ سنين.
لنبدأ سريعا بحصر الأضرار وحجم الخسائر؛ فهي كبيرة، وطالت جميع المرافق والبنى التحتية. وإلى جانب ذلك، يتعين على الحكومة تشكيل لجنة من الخبراء المستقلين لتقييم أداء الأجهزة المختصة، وخطط الطوارئ، لوضع اليد على جوانب التقصير والفشل، وتحديد المعوقات الفنية التي تحول دون تقديم الخدمة على نحو أفضل.
لكن قبل هذا وذاك، علينا جميعا، خاصة في وسائل الإعلام، تجنب اللغة الاتهامية، وتبخيس جهود كبيرة بُذلت لاحتواء تداعيات العاصفة.
يُخيل للمرء وهو يتابع التعليقات المتشنجة والمنفعلة، أن الحكومة هي من جلب العاصفة الثلجية للبلاد، وأن أمانة عمان هي من تولى نثر أطنان الثلوج في الشوارع.
والحقيقة أننا كنا أمام عاصفة ثلجية غير مسبوقة استمرت ثلاثة أيام، لم يكن يجدي معها فتح الشوارع بينما الثلوج تتساقط وتُعيد إغلاقها. صحيح أن العاصفة هدأت لساعات قليلة نهار الخميس، وهنا حدثت المشكلة الكبرى؛ فقد سارع آلاف المواطنين إلى الخروج بمركباتهم إلى الشوارع الرئيسة، غالبيتهم من دون أي سبب وجيه، فعلقوا وسط الثلوج التي عادت لتتساقط بكثافة أكبر.
علينا أن نتحلى بالموضوعية ونحن نقيّم هذا الأمر. فقد شاهد كل واحد فينا من شرفة منزله، عشرات السيارات التي يقودها شبان، "تفحط" في الشوارع وسرعان ما تعلق، وتسد الطريق في وجه أصحاب الحاجة، وسيارات الإسعاف أو آليات "الأمانة" والأجهزة الأمنية. وعلى شاشات تلفزيونات محلية، أتحفنا بعض المواطنين في تبرير سبب خروجهم "الاضطراري" من منازلهم؛ أحدهم لزيارة قريب، وآخر لتناول الغداء مع أطفاله في "ماكدونالدز"، وثالث جاء من الزرقاء ليلعب بالثلج على طريق المطار!
المؤكد أن هناك المئات ممن خرجوا من منازلهم لأسباب وجيهة؛ كالمرضى مثلا. لكن هؤلاء كانوا ضحية لسلوك غير مسؤول من الطرف الآخر.
في المقابل، كان واضحا أن شركات الكهرباء لم تكن بمستوى التحدي، خاصة في المحافظات. مع أن انقطاع الكهرباء الذي طال منازلنا جميعا، كان أمرا طبيعيا في ظل الأحمال الزائدة على الشبكة، وشدة الرياح في بعض المناطق، وتراكم الثلوج في الطرق الفرعية بما حال دون وصول فرق الصيانة إليها بالسرعة المطلوبة.
لدينا آلاف الشوارع والطرق الفرعية التي أغلقتها الثلوج، ولا يمكن أن تتوفر آليات وجرافات لفتح هذه الطرقات في وقت واحد، أو في يوم واحد. ليس جديدا أن البلديات في المملكة تعاني من نقص الإمكانات، وقد استعانت بالجيش للقيام بالمهمة. وكذلك الأمر بالنسبة لأمانة عمان. وهذه حالة استثنائية، تتطلب تكاتف الجهود لعبورها.
لقد كان بوسع القطاع الخاص مثلا، وشركات المقاولات العملاقة، أن تمد يد المساعدة. لكن في أكثر من حي سكني، ظهرت جرافات المقاولين تعرض "المساعدة" مقابل عشرين دينارا للساعة!
fahed.khitan@alghad.jo
الغد