تكدس سيارات المواطنين المتعطلة والمعُطلّة في يوم عطلة رسمية على الشوارع الرئيسة في العاصمة عمان وبعض الطرق الخارجية و المدن الأردنية نتيجة تراكم الثلوج وخصوصا الشرايين الرئيسة لحركة المرور ومنها طريق المطار، كشف بشكل فاضح عن الاستهتار الذي يمارسه البعض على شكل ترف مكلف وغير مسؤول ويحتاج الى إعادة برمجة للعقل الإجتماعي الذي لم يعد يفرق ما بين ما يريده المواطن بشكل ضروري وما بين ما يحلم به ، حتى لو كان نزهة في حدائق الثلوج ، فقد أعطى المواطن غير المسؤول حجة للمسؤول المقصّر ليفلت من المساءلة .
«أليكسا» عاصفة ثلجية اجتاحت ثلاث دول قبل أن تصل إلينا ، ورغم تحذيرات الأمن العام والدفاع المدني اللذين قاما بواجبهما المدني خلال الأزمة بقدر ما استطاعوا، فإن المواطنين ، الذين لا نلومهم بقدر ما نلوم الثقافة الشعبية والتساهل المفرط مع دلع الناس وعدم ثقتهم بكل ما تنطق به الجهة الرسمية ،وأقصد بالمواطنين الآباء وكثيرا من الشباب المستهتر، قد ركبوا رؤوسهم وركبوا سياراتهم ، للتوجه من المناطق الأقل حظا الى المناطق الأكثر حظا في العاصمة للعب في كرات الثلج غير مدركين لتبعات المشوار الذي جعل منهم ومن عائلاتهم نهشا للبرد والصقيع وعرضة للخطر ، نتيجة وصول الموجة الثانية عصر الجمعة .
القوات المسلحة ومنها الأمن والدفاع المدني وشرطة السير كعادتها لا تخيب الظن فيها فقد هبت في كل مكان تأزم الوضع فيه لتقديم خدمة فتح الشوارع المغلقة و تسهيل ما أمكن من حركة السير ، ولكن لا يمكن للسفينة أن تمر من المضيق إذا تكدست فيه القوارب الصغيرة ، فطريق كشارع المطار الذي هو بوابة الأردن وواجهة العاصمة لكل الزائرين والضيوف تعطل تماما ليوم أبيض ، نتيجة تكدس السيارات فيه بطريقة لا تليق بنا ، لقد كان السائقون يقودون مركباتهم عكس اتجاه السير لأن جرافة واحدة فتحت مسربا من الطريق يؤدي الى عمان ،فأسطول الآليات والكاسحات أصابه شلل تام لا ندري من المسؤول عنه .
اليوم وبعد أن هدأت الأمور بعض الشيء ، علينا أن نجلس لنحصي حجم الخسائر خلال أول بواكير الشتاء لهذا العام ، واعتقد أن أول وأكبر خسارة هي عدم الشعور بالمسؤولية لدى بعض المسؤولين ، وحساب المقايضة و» المقاصّة المصلحية « لدى آخرين ، ممن تخلوا عن أناقتهم الرسمية وليقاتهم المناصبية ، وخرجوا عن طورهم نتيجة تعطل الشوارع حول بيوتهم أو إنقطاع الكهرباء عن منازلهم ، فألقوا باللائمة والإتهامات على موظفين وعمال وشرطة سير لا حول لهم ولا قوة ، ولننتظر منهم أفكارا خلّاقة وخططا تقدم الى مركز إدارة الأزمات الذي يعمل بصمت لرصد المشاكل ووضع حلول بديلة لها ترفع بسرية تامة دون ولولة ولا صهللة .
الخير الذي منحه الله لنا خلال الأيام الماضية ، والذي حولناه لأزمة كادت تعصف بنا كمسؤولين في الإدارة المحلية ومدراء للمؤسسات المعنية ، ومواطنين يتحينون فرصة الفرح ، يجب أن يعطينا درسا قاسيا في كيفية التأقلم مع الظروف الجوية والبنية التحتية لنا ، فالقرى ومناطق البادية على طول خارطة المملكة وبعض المدن كانت خارج حسابات « الفزعة الرسمية « ، والشتاء لا يزال قادما ، وعلم الله يحمل الكثير من الخير بإذنه تعالى .
بعد العاصفة هل عند الحكومة أي تصور في كيفية وضع خطط لمواجهة أي كارثة لا قدر الله قد تحدث ، في ظل تراخ واضح من قبل المعنيين ، واستهتار من قبل عينة مواطنين لا تمثل الفقراء وأهل القرى المنسية ، وشركات الطاقة والكهرباء التي فعلت خيرا في تركنا ليوم كامل دون كهرباء أعادنا الى أيام السراج والخير والبركة في سنين مضت ، لقد مرّ على أهلنا أسوأ من هذه الظروف ولكنهم بإيمانهم وثقافتهم كانوا أفضل حالا منا .
Royal430@hotmail.com
الراي