النفط مصدر الطاقة والتنمية والازدهار .. ولكن!!
15-12-2013 05:09 PM
توجد علاقة متبادلة بين النفط وأمن دول الخليج العربي.ويتوقف كل منهما على الآخر مادام الضمان الأكيد لاستمرار تدفق النفط شرطاً جوهرياً وضرورياً.
لقد برهنت التطورات الدولية على أن دول الخليج معرضة للتدخل الخارجي ولا توجد دولة واحدة خالية من التدخل الدولي،وإن مثل هذا التدخل من جانب دولة ما في شؤون دولة أخرى لم يعد مثيراً للخلاف حتى لو اتخذ شكل الجيوش الغازية التي تعبر حدود دول أخرى بدون موافقتها.
وسيظل النفط كمادة استراتيجية مؤثراً في السياسات والمصالح الدولية مع صعوبة إيجاد البدائل للطاقة بالكميات المطلوبة وبالأسعار الملائمة ,ولأن المخزون النفطي الأكبر هو في الشرق الأوسط وخصوصاً المخزون العربي فمن الطبيعي أن تبقى هذه المنطقة عرضة للتدخلات الدولية وسط تجاذبات المصالح الاقتصادية والسياسية.
أخذت أهمية الخليج العربي طريقها بالتعاظم بعد اندثار الحرب الباردة في المنظور الاستراتيجي الأمريكي،في ظل قناعة أمريكا بإمكانية قيادتها منفردة للعالم،وشهدت فترة ما بعد الحرب الباردة مزيداً من التفاعلات الأمريكية الخليجية على المستويات الاقتصادية والتجارية والأمنية،وظل النفط العنصر الأكثر أهمية في هذه التفاعلات.
يعتبر الخليج العربي من أهم مناطق النفط في العالم ،ويشكل مصدرا أساسيا من الصادرات النفطية العالمية ،كما يحتوي على ثلثي المخزون النفطي في العالم،ويبلغ معدل الاعتماد الأمريكي على نفط الخليج 60% ،واعتبرت الولايات المتحدة النفط العربي أحد المقومات الحيوية لأمنها القومي،لذلك اهتمت ومعها الغرب بالسيطرة على منابعه في دول الخليج،للهيمنة على سوق الطاقة في العالم لأسباب سياسية ولتعديل الميزان التجاري الأمريكي.وعليه فإن النفط بالنسبة للغرب هو سلعة سياسية في المقام الأول،وهو بهذا أهم وسيلة للهيمنة على العالم أنتاجاً وتسويقاً وتسعيراً وتوزيعاً.وكذلك فإن من وجهة نظر الولايات المتحدة والغرب أن احتمال القيام بعمل عسكري ضد دولة نفطية في حال فرضها حظراً نفطياً، احتمال قائم ، وبهذا أصبح هدف الغرب هو إدامة الوصول إلى النفط والسيطرة عليه،وعدم تحقيق هذا الهدف يعني أن الغرب لا يتقدم باقتصاده ,وأنه سيفقد زعامته على العالم.وبالمقابل إذا قام صراع عسكري بين إحدى الدول الإقليمية في المنطقة وإحدى الدول الخليجية فإن الحاجة إلى التدخل العسكري الامريكي ستكون أمراً بديهياً ومؤكداً طالما أن ذلك الصراع سيؤثر على المصالح الاقتصادية الأمريكية .
وأن الضمان الأمثل هو أن تسيطر الولايات المتحدة على موارد إنتاج النفط في الدول الخليجية،والسبيل الوحيد لفرض هذه السيطرة هو عقد اتفاق معهم تتولى واشنطن الحماية الأمنية لهم ولأنظمتهم في مقابل مشاركتهم في موارد الإنتاج النفطي.
وجاء موضوع غزو العراق للكويت ليكون مبرراً للتدخل السريع والمكثف لتدمير العراق وتمزيق مقدراته لأن أمريكا تعتبر القوى القومية العربية خطراً عليها.
يقول نعوم تشومسكي في كتابه"الهيمنة أم البقاء":"إن الفشل في السيطرة
على القوى القومية هو أكثر ما تخشاه الولايات المتحدة ،لأن ذلك يجعلها عاجزة عن ممارسة التأثير الكبير على المناطق المنتجة للنفط في الجزيرة العربية.والبيت الأبيض قد اعترف في تقرير استراتيجية الأمن القومي المقدم عام /1990/إلى الكونغرس الأمريكي أن العدو الأساسي لهم هو القومية في العالم الثالث الذي يوجد فيه من يريد أن يلعب دور الفارس الوحيد في الحلبة،وعليه يعتقد أن تهديد مصالحنا يتأتى على الدوام من القومية المحلية".
ومن أجل أن تحقق الولايات المتحدة الهيمنة على مصادر النفط فإن عليها أن تُبقي الوطن العربي ضعيفاً ومجزأ غير قادر على تكوين سلسلة موحدة في إنتاج النفط الخام وتصديره ،ولم يكن للولايات المتحدة أن تشن الحرب على العراق لولا هذا الاعتبار،لذلك تقوم سياسة الولايات المتحدة الثابتة على مقاومة الوحدة العربية بشتى الوسائل والسبل وإدامة التجزئة،ومنع أي محاولة عربية للنهوض الحضاري،والحفاظ على التفوق العسكري الصهيوني المطلق،والوقوف بوجه أي زعيم عربي يعمل على تحدي الإرادة الأمريكية
في ضوء تطلعات الولايات المتحدة والغرب،سيظل الوطن العربي حافلاً بالصراعات الدولية التي تكمن بأسبابها في الموقع الاستراتيجي الهام وفي المخزون الهائل للنفط الذي يسكن باطن أرض الوطن.
فما هو موقع النفط العربي في الصراع الدولي؟وما هي أهميته في المجتمعات الصناعية والدول الكبرى؟وهل سيظل النفط محور النفوذ والصراع في حروب ونزاعات المنطقة العربية؟.
لقد تفجر النفط في الأرض العربية،وامتلك العرب ثروة هائلة خُيل للجماهير العربية أنها ستغير أحوالهم ،وترتفع بهم إلى أعلى المراتب الحضارية والعمرانية،وأن الأمة التي تملك سلاح النفط يمكن أن تستخدمه ضد أعدائها،ولكن المؤلم أن اشدّ الدول عداوة للعرب هي أكثرها استفادة من ثروتهم النفطية.وكان على العرب أن يحولوا النفط إلى ثروة تجمعهم وتضعهم في خارطة العالم المتقدم،ولكن الشركات النفطية العالمية هي التي تجني معظم الأرباح،مما جعل تأثير النفط في حياة الأمة سطحياً وهامشياً،ولم يرتفع بمستوانا العقلي والمعيشي إلى الحد الممكن والمعقول.
لقد كانت السياسة الاستعمارية وما زالت تستهدف الثروة النفطية مستخدمة كل أنواع الخداع والنهب وبث النزاعات بين دول المنطقة لتحقيق المزيد من الهيمنة والسيطرة على مقدراتها .
ولا يزال النفط العربي عاملاً رئيسياً في العلاقات بين الدول،ولا يزال الدور البارز في رسم معالم هذه العلاقات وتحديد أشكالها.وتبرز معالم الأخطار والتحديات التي تواجه الأمة العربية في الحاضر والمستقبل نتيجة السيطرة الأمريكية على نفط الخليج .فلا بد للأمة من مواجهة هذا التحدي الخطير.
ومن خلال هذا الوضع يطرح السؤال المحرج هل النفط العربي نقمة أم نعمة على العرب؟وهل تمكن العرب من الاستفادة من هذه الثروة العظيمة لبناء مجتمعهم؟أم إن هذه الثروة ستبقى حكراً على عدد قليل من العرب يستأثرون بها ويستغلونها بشكل خاطئ ؟