هل هذه استقلالية الجامعات
د. اسامة تليلان
15-12-2013 02:11 PM
كنت شاهداً على حالة معاناة لأحد الزملاء المدرسين في جامعتنا عندما انتقل من جامعة الى اخرى، ملخص معاناته، ان الجامعة التي انتقل اليها لا تعترف ببعض المجلات والدوريات العلمية المحكمة التي نشر بها بعض ابحاثه في حين ان جامعته التي انتقل منها تعترف بها.. عمليا هذا الامر يعني تأخير ترقيته رتبة اكاديمية حتى يعود وينشر ابحاثاً جديدة في مجلات تعترف بها جامعته الحالية.
الملاحظة الثانية من وحي استقلالية الجامعات، ان كل جامعة تضع معايير وأسساً للتنافس على ملء الشواغر فيها، فما ينفع في جامعة لا ينفع في اخرى، وكأن كل جامعة عبارة عن دولة مستقلة، او مزرعة مستقلة، يديرها اصحاب الشأن فيها كما يشاؤون. هذا فضلا عن مدى موضوعية ودستورية وقانونية بعض المعايير في هذا المجال.
الملاحظة الثالثة ان كل جامعة تضع تصنيفاً للجامعات والمعاهد الاخرى عند حاجتها للتعيين او لقبول الابحاث ويتم ذلك وفق معايير متباينة، اغلبها لم يتم اختباره بطرق علمية، وأسس واضحة، فيغدو اعتراف وزارة التعليم العالي بالجامعات ومعادلتها للشهادات الصادرة من تلك الجامعات وكأنه يقع في باب لزوم ما لا يلزم. وهو الامر الذي يتسبب بتباين المعايير كل مرة عند اختيار المرشحين للتدريس في الجامعات. لا بل انه يعاد تصميمها والدرجات الممنوحة لها ان كانت هناك حالة يراد تعيينها.
الملاحظة الرابعة، وقد وردتني من احدى الزميلات في تعليقها على ما كتبته حول هذا الموضوع، على صفحتى في الفيس بوك تقول فيها .. هي واحدة من ملاحظات كثيرة على استقلالية الجامعات المزعومة،،، فالباحث مثلا ينتقد بشدة على طريقة إخراج البحث باستمرار وفي معظم مناقشات الرسائل والأبحاث من قبل المناقشين الخارجيين مع أنه يبني بحثه بناءا على دليل جامعته!! تساؤل يستفزني منذ زمن لماذا لا يوضع دليل استرشادي واحد وموحد للرسائل تعتمده وتتفق عليه جميع الجامعات ... وكذلك الأمر بالنسبة للمجلات المحكمة لنشر الأبحاث،،، أين المعايير التي يتم بناءا عليها اعتماد المجلة أو عدم اعتمادها؟ وما الحكمة في اختلاف هذه المعايير؟ وأضيف ما الحكمة من اختلافها في اطار التخصص الواحد.
سوء التعامل مع مبدأ الاستقلالية في الجامعات اوصلها الى مرحلة ان ما تقبله جامعة في تخصص ترفضه اخرى، بدون اسباب موضوعية في الغالب.. وهذه اشكالية يعاني منها اساتذة الجامعات والباحثين والطلاب في كثير من المحطات بل وتعاني منها مسيرة التعليم العالي برمتها.
وبالعودة الى المجلات المحكمة والنشر، هل من الصعب ان تتفق الجامعات على اصدار دليل موحد للمجلات والدوريات المعترف بها في كل تخصص من التخصصات الاكاديمية لغايات النشر والترقية، موضحة فيها النقاط التي تحتسب لكل مجلة او وعاء نشر، وما هي العقبات العلمية التي تقف امام اصدار مثل هذا الدليل. لعلي اكون مخطئا او غابت عني الحكمة والمعرفة في الموضوع فهل من يفيدنا علميا وموضوعيا ان كان هناك موجبات لهذا الاختلاف.
باقي امر واحد يدور في ذهني اذا كانت مثل هذه الاشكاليات قائمة منذ عقود وما زالت فماذا يفعلون اذا في مؤتمرات تطوير التعليم العالي.