«عدّاد» الأزمة السورية أبَلْغَ امس عن اكتمال «ألف» يوم على بدء تنفيذ المخطط العابر للجنسيات وخصوصا الحدود لتدمير سوريا وتفكيكها ودائما من أجل إراحة إسرائيل.. فأين كنا وأين أصبحنا؟
كثيرون ممن حالت «الغشاوة» على عيونهم دون اكتشاف الحقيقة ومعرفة الأهداف البعيدة التي يروم اعداء العروبة تحقيقها، عادوا عن مواقفهم السابقة، صحيح انهم لم يتلوا فعل الندامة، الا انهم الآن في وضع يستطيعون من خلاله ان يدققوا في كل ما يقال وان يخمّنوا ما لا يستطيع اشاوس المعارضات السورية، الإفصاح عنه وبخاصة ان الأسياد من الممولين والمُسلّحين والمخططين، يحظرون عليهم تجاوز الخطوط الحمر التي رسموها لهم والزموهم باحترامها تحت طائلة النبذ والركل والعطالة، فكان لهم ما ارادوا..
هل قلنا الخطوط الحُمر؟
نعم، فقد أرْجَعَنا الاميركي سيمور هيرش، صحفي التحقيقات الاستقصائية الشهير إلى السيناريو الغربي الامبريالي الذي أفاق العالم اجمع عليه في 21 آب الماضي، عندما اهتزت البشرية للبشاعة والاجرام التي أظهرتها الفيديوهات المصورة من غوطة دمشق الشرقية لأطفال ونساء وشيوخ قيل إن القوات النظامية السورية هي التي قارفت الجريمة النكراء باستخدامها «أسلحة كيمياوية» فقامت واشنطن حارسة حقوق الإنسان والمُنَتَدَبة لنشر القيم الديمقراطية في العالم، من فورها بقرع طبول الحرب وارسال البوارج وحاملات الطائرات ولم ينس فرانسو هولاند حفيد المستعمرين الفرنسيين «المتنورين» ان يلحق بسيد البيت الأبيض عارضاً خدماته بعد ان تراجع التابع البريطاني لفعل قرار مجلس العموم بعدم تفويضه لمغامرة عسكرية جديدة ستكون أسوأ بكثير من المغامرة «العراقية» والذي أخذ بريطانيا إليها «كلب بوش الابن الوفي» توني بلير (والوصف للإنجليز أنفسهم) كذلك ابتهج السلطان العثماني الجديد رجب طيب اردوغان، وقال في صلف: ان بلاده مستعدة للانضمام الى «اي» تحالف عسكري يتشكل، ليس فقط لضرب سوريا بل «شريطة» ان يطيح نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
يقول سيمور هيرش في تحقيق مثير وغزير بالمعلومات والمواقف «.. قبل شهر من الهجوم، قدّمت وكالة الاستخبارات الاميركية سلسلة من التقارير بالغة السرية، تحتوي ادلة على ان جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، اتقنت آليات انتاج غاز السارين، وتمكنت من تصنيعه بكميات وعندما وقع الهجوم، كان على تنظيم النصرة ان يكون مشتبهاً فيه، لكن الادارة راوغت لتبرير توجيه ضربة ضد الاسد»..
مضت اربعة اشهر تقريباً على الخيبة التي لحقت بأنقرة ومعظم الانظمة العربية (دع عنك اسرائيل والتحالف الغربي الاستعماري) وباتت «الأسرار» مكشوفة (كالعادة بعد ان ينجح الاعلام الغربي ومَنْ يتبعه من العرب والعجم في جذب الانظار وحشد المؤيدين وعرض العضلات العسكرية) لكن ما مضى لم يكن كله «شراً» بدليل ان الميدان السوري هو الذي بات «المقرر» لجدول الاعمال الدولي، حيث يلتقي الجميع عند «جنيف 2» كمخرج وحيد والزامي، اللهم الا اذا قرر «الاحمدان» غير ذلك، ونقصد «فخامة» الشيخ احمد عوينان العاصي الجربا رئيس ائتلاف المعارضات كذلك «دولة» احمد طعمة رئيس حكومته (..) ادارة ظهريهما لكل المساعي المبذولة والاتكاء على ما لدى جيوشهما الجرارة من اسلحة وقنابل وخصوصاً «سارين» (هل تذكرون مأساة خان العسل في حلب قبل جريمة الغوطة الشرقية بكثير، وكيف تم الطمس عليها؟)، كي يقلبا موازين القوى، ويُلحقا هزيمة نكراء بقوات النظام وعندها لن تكون اهمية لا لجنيف 2 وبالتأكيد جنيف واحد حيث ما يزال «الجنرالان» الجربا وطعمة، يرطنان بشروط يعلمان في داخليهما انهما اصغر بكثير (حدود الضآلة) من ان يفرضا شرطاً واحدا،ً ما بالك وهما يرفعان الآن من صوتيهما كي يلفتا انظار الاسياد.. لكن الامور لا تجري وفق اهواء هؤلاء، لا الاسياد ولا الاتباع..
اين من هنا؟
تفصلنا عن الثاني والعشرين من كانون الثاني الوشيك.. ستة أسابيع، وإذا ما شطبنا فترة الأعياد التي سيدخل-حينها-زعماء معارضات الفنادق (كما يصفها سوريو الداخل) في تيه طويل، لأنهم لن يعرفوا على ماذا «نام» الكبار قبل أن يذهبوا الى عطلة الميلاد ورأس السنة الجديدة، وبخاصة ماذا اذا كان «الائتلاف» سيكون «قائد» وفد المعارضة، ام ان الأسابيع المتبقية ستقضي على كل امل للجربا بأن يكون في المقعد المقابل لمقعد النظام..
لهذا لا يُصنّف ما ادّعاه الجربا عن وجود تعهدات «مكتوبة» وأخرى شفوية (....) من قبل دول «كبيرة»، بأنه لن يكون للأسد أي دور في سوريا الجديدة.. سوى في باب الاوهام او خداع الذات.
إنه ربع الساعة الأخير الذي فيه ستحسم الأمور وعندها سيعرف الجربا ومعارضات الفنادق كيف سيتم تسريحهم وربما بدون تعويض نهاية الخدمة؟
(الرأي)