يشهد المجتمع الأردني بمختلف أطيافه جدلا واسعا حول نية هيئة الطاقة الذرية إقامة مفاعل نووي في الأردن وهذا الجدل يشمل معظم فئات هذا المجتمع من وزراء ونواب ومثقفين وصحفيين ومواطنين عاديين ويبدو أن هناك معارضة شديدة من معظم هؤلاء لإقامة هذا المفاعل وذلك لأسباب كثيرة من أهمها أن الدول الكبرى التي لديها مفاعلات نووية منذ سنوات طويلة يخطط بعضها لإلغاء هذه المفاعلات وذلك بعد الكارثة النووية التي حدثت في اليابان وقبلها حادثة تشيرنوبل الشهيرة .
ولدى المعارضين لإقامة هذا المفاعل حجج مقنعة من أهمها الكلفة الكبيرة لهذا المفاعل والتي قد تتجاوز العشرة مليارات دينار وهذا المبلغ الكبير غير متوفر خصوصا وأن بلدنا يمر بضائقة إقتصادية كبيرة ويعاني من مديونية تتجاوز العشرين مليار دينار .
المفاعل النووي المنوي إقامته يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه في بلد يعتبر الرابع في العالم من حيث حاجته الماسة للمياه .
في حالة الإصرار على إقامة هذا المفاعل فإن نقله من مدينة العقبة بعد أن يصل على متن إحدى البواخر يحتاج إلى سكة جديد خاصة وهذه السكة يجب أن تسير بخط مستقيم لأن وزن هذا المفاعل حوالي ألف طن وهذه السكة وملحقاتها تحتاج أيضا إلى موازنة خاصة .
ومن الحجج المعارضة لإقامة ها المفاعل أن شبكة الكهرباء الحالية لا تصلح لنقل الطاقة الكهربائية المولدة من هذا المفاعل لذلك يجب تغييرها وهذا التغيير هو بالتأكيد فوق طاقة الخزينة الأردنية وقد يحتاج إلى ملايين الدنانير غير المتوفرة حاليا .
المفاعل النووي يحتاج كل إثني عشر شهر إلى صيانة ضرورية جدا وهذه الصيانة تستغرق حوالي الأربعين يوما يتوقف خلالها هذا المفاعل عن العمل لذلك يجب أن يكون هناك مفاعل آخر لكي يعمل خلال توقف المفاعل الرئيسي .
بقيت نقطة مهمة جدا وهي أن هذا المفاعل بحاجة إلى حماية في حالة الحروب والكوارث الطبيعية فهل لدينا القدرة للقيام بهذه المهمة إذا علمنا أن الكارثة التي وقعت في اليابان قبل عدة سنوات كلفت الدولة اليابانية حوالي ألف مليار دولار فهل لدينا الإمكانات المالية لو حدث شيء خارج عن إرادتنا بعد إقامة هذا المفاعل ؟ .
كل المؤشرات تقول بأن الأردن بلد صغير وغير قادر على إقامة مفاعل نووي وحماية هذا المفاعل وإذا كان الهدف من إقامة هذا المفاعل هو توفير الأموال التي تصرف على إستيراد البترول الذي نستعمله لتوليد الطاقة الكهربائية فإن هناك حلا أفضل وهو صرف جزء بسيط من المبلغ الذي سيصرف على إقامة المفاعل النووي على إستخراج البترول من الصخر الزيتي وزيادة التركيز على مسألة التنقيب عن النفط في بعض المناطق التي يتوقع أن يوجد فيها البترول .
المفاعل النووي سيظل يثير جدلا واسعا بين أبناء المجتمع الأردني ونحن نتمنى على الإخوة النواب عقد جلسة خاصة لمناقشة هذه المسألة وإتخاذ القرار المناسب بدلا من إستمرار هذا الجدل .