مجلس التعاون الخليجي يواجه أزمة حقيقية
صالح القلاب
10-12-2013 03:19 AM
وكأن قنبلة «الإتفاق النووي» بين إيران والولايات المتحدة قد إنفجرت في مجلس التعاون الخليجي فالقمّة التي من المفترض أنْ تنعقد اليوم في الكويت قد واجهت «أزمة» فعلية كادت تهزُّ كيان هذا التجمُّع العربي بعد إعلان وزير الخارجية العُماني قبل يومين منْ إنعقاد هذه القمّة بأنَّ سلطنة عُمان سوف تنسحب من هذا المجلس إنْ هو أخذَ بالإقتراح الذي تقدمت به المملكة العربية السعودية بضرورة تطوير هذه الصيغة التنسيقية التي مرَّ عليها حتى الآن قرابة إثنين وثلاثين عاماً وتحويلها من صيغة «تعاونية» إلى صيغة إتحادية.
لقد قالت السعودية إنَّ إنتقال مجلس التعاون لدول الخليج العربية منْ مرحلة التعاون إلى مرحلة الإتحاد بات ضرورة ملحة تفرضها التغيُّرات الأمنية والسياسية والإقتصادية وفي هذا المجال فقد أكَّد الدكتور نزار مدني وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، في منتدى الأمن الإقليمي التاسع الذي إنعقد في المنامة في البحرين قبل أيام، على أنَّ الدعوة إلى إنتقال هذا المجلس من مرحلة التنسيق والتعاون إلى مرحلة التكامل والوحدة الكاملة لم يعد ترفاً وإنما بات ضرورة ملحَّة تفرضها الأهمية الكبيرة لمنطقة الخليج من النواحي الإستراتيجية والسياسية والإقتصادية التي جلبت لدولها كثيراً من المخاطر والمشكلات.
ولعلَّ ما يشير إلى أنَّ هناك أزمة طاحنة فعلية تعْصف بهذا المجلس أنَّ هذا الوزير السعودي قد قال :»إنَّ المرحلة الراهنة تتطلب من دول مجلس التعاون الخليجي إعادة تصحيح هوية المجلس لتكون قائمة على أساس التوافق في الرُّؤى مع التأكيد على المصير الخليجي المشترك وتغليب المصلحة الجماعية لدول الخليج» وحقيقة إن هذا يؤكد فعلاً أنَّ قنبلة الإتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة قد إنفجرت في حضن هذا التجمع العربي وأنه ستترتب على إنفجارها تغيرات كثيرة في المستقبل القريب وحتى وإن صمدت «لَفْلَفة» الأمور في القمة التي ستنعقد في الكويت اليوم الثلاثاء.
وبهذا الصدد فإن روايات كثيرة يجري الحديث عنها وتُقال وهي بمجملها تتفق على أنَّ السعودية قد فوجئت بأن سلطنة عُمان كانت عرَّاب هذا الإتفاق الإيراني-الأميركي وأنَّها قد فوجئت بأن بعض الدول الخليجية قد سارعت إلى «الإندِلاق» على إيران وكل هذا بدون لا التنسيق ولا التشاور مع الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي مما أثَّر سلبياً على الدور الذي تقوم به الرياض في مجال التصدي للأطماع الإيرانية في هذه المنطقة وفي الشرق الأوسط بأسره.
وحسب بعض العارفين بهذه الأمور فإن السعودية ترى أنه كان من الأفضل لو أنَّ السَّلطنة تشاورت مع أشقائها في مجلس التعاون الخليجي قبل أن تقوم بالدور الذي قامت به وسواءً أكان هذا الدور مجرد نقل وجهات النظر المتبادلة بين الأميركيين والإيرانيين أم أنه قد تجاوزه إلى «الوساطة» الفعلية وأيضاً ووفقاً لهؤلاء العارفين فإن السعودية قد غضبت غضباً شديداً عندما رأت بعض أشقائها الخليجيين يسارعون خبباً لأكثر من الإنفتاح على إيران بدون علم أشقائهم وذلك في حين أن المفترض أن تتم العودة إلى مؤسسات «المجلس» وحتى على مستوى القمَّة لتدارس كل هذه المستجدات ولإتخاذ موقف موحّدٍ منها إنْ كان بالرفض أو القبول.
ولهذا فقد بادرت السعودية، كنوع من الإحتجاج وكخطوة لضبط الأمور قبل تجاوز الخطوط الحمر، إلى طرح ضرورة إنتقال مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى مرحلة الإتحاد أنها قد أكَّدتْ على أن هذا قد أصبح ضرورة :»تفرضها التغيرات الأمنية والسياسية والإقتصادية» وتفرضها ضرورة إعادة تصحيح هوية هذا المجلس لتكون قائمة على أساس التوافق في الرؤى وتغليب المصلحة «الجماعية» للدول الخليجية..
وحقيقة إنَّ ما يجب أن يقال هو أن هذا التجمع العربي الذي زاد عمره عن ثلاثين عاماً بات يعاني من أزمة فعلية قد وضعته في مهب الرياح وقد وضعته أمام إحتمالات كثيرة أقلها أنه قد ينتهي نهاية مأساوية على غرار ما حدث مع التجمعات الأخرى المماثلة. (الرأي)