ثمة لحظات نجالس فيها أنفسنا، لنجرد حساباتنا عن عام مضى؛ ماذا حققنا.. وبماذا أخفقنا؟ هناك نكتشف أن أكثر ما أفرحنا هو نجاحنا في ترتيب ولو جزء من حياتنا، على النحو الذي أردناه.
وليس ذلك إلا لأننا مشينا خطوة استثنائية؛ بتقييم مجمل علاقاتنا مع ذاتنا.. كما مع الآخرين.
في خضم خطوتنا الاستثنائية تلك، إنما الطويلة أيضاً، كثيراً ما ينتابنا الخوف من الطريق الذي نسلكه، فيما الحقيقة أننا نغير مسار حياتنا نحو الأفضل، بقرار جريء: أن نعيش حياتنا لأنفسنا نحن، لا كما يريدها الآخرون أو يرونها.
كم هو عظيم شعور الرضا عن أننا قربنا أشخاصا يسعدوننا فعلا، وأخذوا مكاناً نستحقه ويستحقونه، بدلاً من آخرين لم يضيفوا لنا يوما ما شيئا، إن لم يستنزفوا فوق ذلك مشاعرنا!
نتساءل كم وكيف سمحنا لأشخاص بانتهاك سعادتنا وحريتنا؟ لكن الحقيقة أن تلك التجارب هي من علمتنا الكثير، ومكنتنا من أن نستخلص كذهب مصفى من ساهموا في صياغة حياتنا بوفائهم وإخلاصهم وطيبتهم..
ما نحتاجه فعلاً هو الإيمان بقدرتنا على التطور، والقناعة بأن أولوياتنا تتبدل، وطباعنا تختلف من وقت لآخر.. وأننا يجب أن نتخلى، بسبب ذلك بل وبفضل ذلك، عن أشياء كانت تمثل لنا يوما الحياة بما فيها.. ونستبدل أحلاماً سابقة بأخرى جديدة.
"حظنا السيئ" لم يكن يوما سبب فشلنا! نحن من نتحمل مسؤولية أفعالنا التي أفضت إلى إخفاق وعجز، لأننا ما سمعنا صوت قلبنا وعقلنا الصادق، واستسلمنا لأصوات مدوية لم تضف لنا شيئا..
العمر يحملنا كقطار سريع، يعبر بشكل خاطف محطات الفرح والبهجة. تلك المحطات التي يجب أن نستثمرها بالحب والأمل، برفقة من يضيفون السعادة إلى أعمارنا، كي لا يغدو العمر رحلة مخطوفة بين الأسى على ماض لا يعود، والأسى على قادم لم نستعد لاستقباله بما يليق بنا وبأحبابنا.
أمس.. احتفلت بعيد ميلادي!لم أطفئ شمعة جديدة، بل أشعلت أخرى جديدة وأكثر، بعدد ما حققت من أهداف أكانت بسيطة بحجم حلم طفلة، أم كبيرة..
فكرت بذاتي ومنحت نفسي بعضا من وقت لم يكن لي؛ فصنعت مزاجي بنفسي.. وصادقت عقلي لأنه لا يتعاطف معي ولا يجاملني.
صديقاتي وأصدقائي! وأنتم على أعتاب العام الجديد.. حققوا ولو حفنة صغيرة جداً من أحلامكم الكبيرة؛ فوحدها خطوة البداية الصغيرة، كفيلة بإيصالكم إلى كل عظيم تريدونه.
العام الحالي يوشك أن ينقضي بمرّه وحلوه، بفرحه وحزنه، بألمه وسعادته.. فيما عام جديد في طريقه إلينا، لا ندري حتماً ماذا يخبئ لنا، لكن علينا أن نعي تماماً ما نحمل نحن له في جعبتنا!
أوقدوا جذور الأمل في قلوبكم كما في عقولكم.. فكروا كيف تسطرون الفرح، فتكون أجمل الأيام تلك التي لم نعشها بعد.. لكننا قررنا أن نعيشها يوماً وحتماً!
آن لنا أن نفتح الأبواب الموصدة بمفاتيح الأمل، وأن نستريح في مساحات الفرح المتبقية في أعمارنا وثنايا أيامنا.. فنحن صانعو حياتنا لا مجرد عابرين فيها!
(الغد)