من نحن .. ؟؟ .. *ناهض الوشاح
08-12-2013 03:22 AM
على عتباتِ صباحٍ كانوني.. كان كُلُ ما أذكره.. يداً تلوّح من البعيد .. تحملُ بين ثنايا أصابعها غياباً يملؤه الحنين لمستقبلٍ ربما سيكون المشرقَ من كُل صباحات الكون..
تتكئُ روحي على حلمٍ تقتاتُ منه الوضوحَ .. وتُساورُ المسافرَ الذي عرفتْه كلُ الدروبِ وأخطأهُ دربُ الرحيلِ إلى حضنِ أمِّه ...
أمِّه التي ما عادت تعبأ بوجودِ طفل تذرفه الدمعاتُ حيناً ... و يذرفه المنفى أحياناً .. فقدٌ يتلوه بكل المواسم التي تمنى أن ينساها على حواجز الانحناء .
***
قهرٌ و طول انتظار .. كدحٌ و جبهة تنحني لعاصفةٍ تمر كل حين ... حزنٌ و لجوء يليق بوطن حُمِل على الرأس .. و تاريخٌ يصنعه من سلبَنا كلّ شيء ... ليعطينا من ميراث جدي لاشيء ...
***
العالمُ أضيقُ من ثُقبِ إبرة.. و لأنني أرفض أن أكون ضمن الحظيرة .. فإنني مرفوض لا محالة في كل حظيرة ..
تعودتُ أن تفرّ مني الأشياء ... وتعودتُ الاستغناء عن حاضر لن يكون لي منه غير التأمل في عيون عصفور ربما لن يحطّ في دربك .
***
صرتُ على يقين أن روحك لم تقابل روحي في الأزل .. لذلك افترقنا .. عند أول منعطف أودى بأغصان رمقتها عيوننا إلى الذبول ..
ذابلةٌ أهدابك حين لا تمسحها حروفي كل صباح .. ذابلٌ قلبي حين يخفق لا لشيء إلا لترديد العزف اليومي .. خبز و قليل من الهواء لتكتمل دورةُ أنني لازلت ظلاً له .. استقامته على فراش يحمله رأسه أينما ذهبت به الأحلام .. يأخذك منك و يعيدك إليك .. فراشٌ محمول على الرأس و وطن محمول في القلب!
***
مزعجةٌ هي الأحلام حين تخلو من بحر ذرف جسدي طفلاً و ألقى بروحي في أعماقه .. كلما رأيته تذكرت اليد التي حملتني نحو الأرض القلقة .. أجثو في زوايا ظلمتي .. منساباً بتفاصيل الأيام ..منسياً من حيث الشكل و الجوهر .. لا يُذكر مني سوى رفُات كان هناك ذات دمعة لفظتها السماء.
لتنظر من حولك الآن .. أيها السالك في الغياهب .. هل أبصرت طريقا يؤدي إلى نجمة تعزف لحن رجوعك إلى دربك الأول .. و حضنك الأول .. و حصنك الأخير ؟!
قابع في الانتظار .. مندساً كعصفور خبّأ رأسه تحت جناحيه و الشمس لا ترى قلبك بعد .. .
لا شمعة أريد أن أشعل ... و لا لعنة أستنزل على الظلام ... كوناً ينفجر في رأسي .. صخبُ الدهشات لما يقترفه الإنسان..
و مع ذلك أتلو آيات الشفقة ، كل ليلة على رحيل مشرّف بحجم قُبّرة حطت على شاهد قبر طفل لم تذقه الحياة من قبل .
***
خطيئة أن تحتسي كأس خمر و تعترف به أمام الناس .. و عار عليك أن تقف أمام الخلق و لا تعترف أنك سكرت بكل ما قد خلق الله ..
بالبحر و الحجر و الشجر .. بالحب، بالوحدة، بالزمن، بالدهشة، بالخوف، بالنور، بالصلاة، بالانزواء، بالصمت، بالوجع، بالحنين، بالانتظار ... بالموت حين تتسرب الحياة من بين ثنايا قلبك بلا هدف.
***
ثمة صفعةٌ على مؤخرتي من قابلة لم أعرف وجهها حين سقطت كورقة تين يابسة .. و ثمة صفعة على خدي من عدو يعرف أن لي وجه كوجهه .. و يدا كيده .. و ساق كساقه .. مع ذلك غمر وجودي بصفعة ليذكرني أنه يكره المطر لأنك تحبه .. و يكره الربيع لأنك تعشقه .. و يكرهك أنت .. لأنك ما زلت تحمل أمك في قلبك .!
***
الصورة مازلتُ أحتفظ بها .. أخبئها بين ثنايا روحي ... و وردة ذبلت من استعطاف السماء لتذرف عليها لقاءً يجعل من الحياة ممكنة.
جرعة من الوجع تفترس الدقائق المعدودة في ديمومة وجود كل واحد في طرف ..
بعيدة هي المسافات .. حزينة هي الساعة تُمعن في النظر إلى عيوننا .. تنحني لترى سُفوحا و سلاسل جبلية تفصل قلوبا .. جمعتهم الأرض وفرّقتهم مواعيد الفرح ...
***
لننهض ونرحل من هنا .. لم نحن هنا ....
صاحت الجموع من حولي .. إلى متى ستظل ترحل ؟؟
طالما أنا حي .... طالما أنا حي .