الدبلوماسية الأردنية: العودة إلى الواجهة بعد الانكفاء
جهاد المحيسن
08-12-2013 03:00 AM
نجحت الجهود الدبلوماسية الأردنية في تحقيق نصر، عقب انتخابها عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي لولاية تستمر سنتين، وهذا النجاح جاء باعتراف عالمي لأهمية الدور الأردني في الإقليم الملتهب وفي العالم.
وهذا ما عبّرت عنه مختلف الأوساط الدبلوماسية الفاعلة على الساحة الدولية، وخصوصا روسيا والولايات المتحدة الأميركية والصين، فقد جاء في بيان أصدرته وزارة الخارجية الروسية، أشارت فيه إلى "أن أهمية انتخاب الأردن تنبع من كون منطقة الشرق الأوسط تعيش وضعا معقدا، ما يجعل تمثيل الدول العربية في مجلس الأمن الدولي أمرا مهما للغاية"، وأبدت روسيا حسب بيان الخارجية، "استعدادها للتعاون البنّاء مع الأردن في كل المسائل المدرجة على الأجندة الدولية"!
هذا الاعتراف الدولي بالأهمية والمكانة التي يشغلها الموقع الجيوسياسي للأردن، يعيد الدبلوماسية الأردنية إلى واجهة الصدارة بعد سنوات ليست بالقليلة من سياسة الانكفاء على الذات التي مارستها الدبلوماسية الأردنية، ما أدى إلى إضعاف دورنا المحوري في الإقليم، وأفسح المجال لوجود قوى دبلوماسية لا تتمتع بالإرث الجغرافي والسياسي والتاريخي الذي راكمته السياسة الخارجية الأردنية على مدى عقود طويلة، فكل المعارك التي خاضتها السياسة الخارجية الأردنية، كانت جزءا أساسيا ومكونا أصيلا من مكونات الدولة الأردنية، ونتيجة لترك الأردن هذا المجال الحيوي الذي يتمتع فيه بخبرات واسعة، أضعف صورتنا على صعيد السياسة الخارجية في الإقليم والعالم.
ولكن مع هذا الإنجاز التاريخي، نستطيع القول إن الأردن قد بدأ يستعيد عافيته على صعيد الدبلوماسية العالمية، ما يفسح المجال لإعادة ترتيب مستقبل سياستنا الخارجية، وفق معايير تضمن الانحياز لخيارات الأمة التي ثبت بالوجه القطعي أنها مستهدفة بكل تفاصيل وجودها، فوجودنا في مجلس الأمن سيجعل الصوت العربي حاضراً وبقوة، فهذه الخطوة تشكل نقلة نوعية إيجابية يستحقها الأردن وتمنحه القدرة على التأثير في صنع القرار العالمي، خصوصا أن المنطقة تمر في الوقت الحالي، بمنعطفات تاريخية تتعلق بعديد من الملفات الساخنة وعلى رأسها ملف القضية الفلسطينية الذي يشكل محور الصراع العربي الاسرائيلي، ما يعيد الحيوية للدور الأردني في تثبيت الحق الفلسطيني في أرضه، بالإضافة إلى الأزمة السورية، التي ألقت ظلالا كبيرة على مستقبل العالم العربي بأسره، نتيجة للتدخل العالمي فيها، ما يفسح المجال للدولة الأردنية أن ترمم العلاقات العربية التي أصابها الضعف والتفكك نتيجة للمعطيات التي فرضتها طبيعة الصراع في المنطقة، فعضوية الأردن في المجلس تمكنه من تشكيل لوبيات مع الدول الأخرى الأعضاء دعما للقضايا العربية وعدم إهمالها.
ولكن حتى نجني ثمار هذا الاعتراف الدولي بالدور الذي يلعبه الأردن في الإقليم، لا بد من رسم سياسات خارجية واضحة تضع في رأس أولوياتها القضايا العربية المركزية، وعدم الإنجرار وراء المخططات التي تهدف إلى تفكيك الأمة، وخصوصا أن وضع الإقليم يحتم علينا رسم سياسة تضمن قوته ضمن المتغيرات الجديدة!
(الغد)