اتفاقية «الحرير»: لغز أم مؤامرة؟
حسين الرواشدة
05-12-2013 03:26 AM
هل ما حدث مؤامرة حقاً؟
السؤال - بالطبع - يتعلق “بالاتفاقية” التي “زعمت” احدى الشركات القطرية انها اشترت بموجبها حصة صندوق استثمار الضمان في بنك الاسكان (نحو 38 الف سهم)، والذي اطلق السؤال هو رئيس الصندوق الحالي، اما الاجابة فما زالت معلقة حتى الآن.
ربما تساعدنا “الحيثيات” التي نشرت من لقاء تم امس بين لجنة النزاهة النيابية والسيد سليمان الحافظ رئيس صندوق الاستثمار في استكشاف جانب من الصورة.. أو لملمة بعض الخيوط المشتبكة والمتشابكة معاً.
يقول السيد الحافظ “بتاريخ 26/11 استلمت دعوة لحضور التحكيم في محاكم (زيورخ/ سويسرا) بسبب عدم قيام الصندوق بتنفيذ اتفاقية مزعومة تم ابرامها في 8 آذار 2012، وتتضمن بيع كامل حصة الصندوق في بنك الاسكان لصالح الشركة المدعية.
بدأنا البحث في وثائق الصندوق - يضيف الرجل - لكننا لم نجد اثراً لهذه الاتفاقية، كما ان الكتاب الذي وصلني لا يحتوي على اي رقم صادر أو وارد، واتصلت مع مدير الصندوق السابق فنفى أن يكون قد وقع على الاتفاقية، ثم تبين ان الذي وقع على الاتفاقية من جانب الشركة القطرية شخص من مواليد 1982 وانه دخل المملكة في شهر آب 2013، كما تبين ان الدكتور ياسر العدوان كان في زيارة رسمية للدوحة في التاريخ ذاته الذي وقعت فيه الاتفاقية.
لمزيد من التفاصيل - كما نشر موقع 24JO على لسان رئيس ديوان المحاسبة فان الشركة الموقعة على الاتفاقية ليست وهمية، وانما مسجلة في امريكا الجنوبية تحت اسم KRIC-Beli2 وهي تابعة لشركة اخرى اسمها (المسابلة) وعنوانها معروف في قطر.. كما ان الاتفاقية وقع عليها شاهدان احدهما باكستاني (اسمه رحماني) وتنص على بيع اسهم الصندوق على شريحتين الاولى نحو 32.66 مليون من حصة الضمان ليتم تنفيذها خلال 60-90 يوماً، والثانية بـ (15) مليون يتم تنفيذها بعد انتهاء بيع الشريحة الاولى.
وجاء في الاتفاقية ان الصندوق ملزم بعقد جزائي في حال لم ينفذ الاتفاقية بمبلغ (93) مليون دولار اضافة لفائدة قيمتها 6.5% على كامل المبلغ من تاريخ المطالبة حتى السداد.
الى هنا تنتهي الرواية الرسمية، ونحن لا نشكك فيها، ولكن نستأذن بتسجيل عدد من الملاحظات عليها.
الملاحظة الاولى هي اننا امام “اتفاقية” موقعة من طرفين: الطرف الاول معروف بالاسم والعنوان، والطرف الثاني وضع توقيعه على الاتفاقية، لكنه أكد أنه “مزوّر”، ولدينا شاهدان معروفان، كما ان لدينا قضية مرفوعة في المحاكم السويسرية، وبالتالي فنحن لا نتعامل مع “فراغ” أو مؤامرة، وانما مع “وقائع” حدثت وسواء أكانت صحيحة أو غير صحيحة، فان ثمة “لغزاً” نحن مسؤولون عن حله، وعن مصارحة الرأي العام بتفاصيله، وعن التحقيق فيه على أعلى المستويات المتاحة.
الملاحظة الثانية اننا يجب ان نتوقف طويلاً عند محاولات عديدة جرت على مدى السنوات الماضية لبيع اسهم الصندوق في الاسكان، صحيح انها لم تفض الى البيع، ولكن الصحيح ايضاً انها تشير الى وجود “نوايا” سواء لدينا، أو لدى غيرنا، للوصول الى هذه النتيجة.
الملاحظة الثالثة: لا بد من التوقف - ايضا - امام تصريحات رئيس ديوان المحاسبة التي ذكر فيها ان “الديوان لطالما خاطب الجهات المعنية لمراقبة الشركات التي تبلغ بها اسهم الضمان اكثر من 50% الا انه لم يتمكن من ذلك، كما يذكر البراري ان رئيس الصندوق السابق (هنري عزام) قال له ذات مرة ان رقابة الديوان على صندوق الاستثمار تعيق الاستثمار.. وعليه يمكن فهم الارضية التي سمحت لوقوع مثل هذه القصص, وهي “غياب الرقابة”.
الملاحظة الرابعة: اذا كانت الاتفاقية قد وقعت قبل نحو عام وثمانية اشهر ونصف، ووفق ما تتضمنه من شروط فان بيع الشريحة الاولى كان يفترض ان يتم خلال (90) يوما، وهذا لم يحدث وفق تأكيدات السيد الحافظ علماً أن اسهم الصندوق ما زالت كما هي، فلماذا حرّكت الشركة القطرية القضية الآن، وما هو “سرّ” زيارة الشخص القطري الذي وقع عليها الى عمان قبل نحو (4) أشهر، ومن هم الاشخاص الذين قابلهم ايضاً.. وهذا يحتاج بالتأكيد الى مزيد من التحقيق.
الملاحظة الاخيرة: ان استنفار الطرف الرسمي لخوض المعركة القانونية في المحاكم السويسرية يعكس “توجساً” ما من مفاجآت غير محسوبة، وهذا مفهوم بالطبع، لكن الافضل ان نبدأ التحقيقات لمعرفة القصة وتفاصيلها من هنا، لكي يكون موقفنا الدفاعي اقوى.. وأوراقنا تدحض “التهمة” مكتملة ايضاً. (الدستور)