من العيب أن نقلل من شأن العمل الشريف مهما يكن ترتيبه متواضعاً في السلم الاجتماعي بعرف الأفراد، خاصة أمام ظروف معيشية صعبة. فقد تابعت حواراً بالأمس على صفحات الفيسبوك وخجلت مما قرأته من مداخلات تتهكم على بعض المهن وتنتقص من قيمة العاملات بها.
أوّلاً هذا استقواء على المرأة غير مقبول ولا داعي له، ثم إن الفوقيّة تتلبسُنا بينما تكافح آلاف السيدات لإطعام أسرهن. أحدهم يقول تعقيباً على مهنة احداهن: (ماذا تنتظرون من حلاّقة) لتنهمر بعدها التعليقات الفارغة من المضمون، فياليتهم قبل الانزلاق في الكلام يدركون أن كثيراً «الحلاّقات» يؤمنّ وجبة طعام لأبنائهن ويدفعن أقساط المدارس وإيجار البيت ويخففن الأعباء عن الزوج هذا إن لم يكن عاطلاً عن العمل أصلاً.
يعرّينا هذا التناقض عندما نكون على معرفة تامة أن من يقلل من شأن مهنة لم ترق له، هوعينه من يدفع بزوجته إلى أروقة صالونات التجميل لإرضاء رغباته، خاصة عندمالا ينفك يقارنها بالنجمات على شاشات الفضائيات.
لا أتحدث عن مهنة بعينها، لكن أتساءل متى نجتاز جدار العيب، أما آن للهجتنا الخطابية أن تكون أكثر نضجاً وأن تتجاوز مرحلة يفترض أن نكون أكثر وعياً بضررها، ألا يفترض أن يتحول النقاش إلى الآلية التي نخدم بها المجتمع ونعزز فرصة النساء بالعمل لحياة أفضل بدل إحباطهن.
نحتاج إلى مبادرات تعزز فينا حس المسؤولية الاجتماعية، وهناك جهات تستحق التقدير والدعم في هذا المجال، تعمل بصمت دون أضواء، فقد استفادت هذه السنة مثلاً ستة آلاف عائلة أردنية من دورات تمكين مجانية يقدمها مركز تنمية المرأة في الهاشمي الشمالي التابع لتجمع لجان المرأة بعد دراسة لاحتياجات السوق.
عائلات كانت بلا أمل ونساء كدن يفقدن الأمل لولا تسلحهن بمهارات مثل التجميل والخياطة والتطريز والكمبيوتر واللغة الانجليزية وغيرها، السيدات اللواتي ساعدهن المركز على ايجاد فرص عمل وإعطائهن قروضا غير ربوية أتين من ظروف اجتماعية مختلفة وقد وفّر لهن العمل راتباً معقولاً بدل استجداء المساعدات.
لا عيب في المهنة الشريفة ياسادة، العيب فينا حين نقلل من قيمة العمل ونحن بأمسّ الحاجة إلى العمل.
(الرأي)