المشتقات النفطية .. يكفي عبثا
د.خليل ابوسليم
03-12-2013 07:14 PM
مقال اليوم عن علم حتى لا يقول البعض أننا نتجنى على الحكومة ورئيسها، بعد أن فاجأتنا بتخفيض طفيف جدا على أسعار بعض المشتقات النفطية وليس على كلها كما درجت العادة وكما هو المنطق.
من المعروف أن أسعار النفط عالميا قد انخفضت بنسبة تحوم حول 2.5% من خلال نشرات الأسعار على مواقع بورصات النفط العالمية، وقد درجت العادة أن يتم تخفيض أو رفع أسعار المشتقات لدينا بناء على التغيرات في أسعار النفط الخام.
وقد عدلت الحكومة الأسعار على استحياء ولسان حالها يقول أن أسعار النفط بقيت ثابتة طوال الفترة الماضية وهذه مكرمة حكومية تضاف إلى سلسلة مكارمها السابقة!!!.
سنتفق معها – اعتباطا- أن أسعار النفط قد راوحت مكانها وبالتالي فان التعديل يجب أن لا يكون ولا بأي نسبة كانت، مع تنازلنا عن تلك المكرمة السخية.
إذا كان فعلا أن الأسعار بقيت ثابتة فاعتقد أن الحكومة قد ارتكبت خطأً فادحا بحق موازنة الدولة عندما خفضت أسعار السولار والكاز وأبقت على أسعار البنزين، لأنها بذلك تكون قد حملت الموازنة المثقلة دينا فوق دينها.
طبعا هذا الافتراض كما قلنا اعتباطا وليس له أساس من الصحة كما أشرت آنفا، والنشرات العالمية التي توضح ذلك.
ما هو غير مفهوم، هو كيف تم تعديل أسعار السولار والكاز فقط دونا عن أسعار البنزين؟ إذا ما علمنا أن مدخلات الإنتاج واحدة، وهي برميل النفط، وهنا تشترك كافة المشتقات في سعر المادة الخام الداخل في الإنتاج، أما عند نقطة انفصال التكاليف للمنتجات فيحدث اختلاف في التكاليف نظرا للعمليات التحويلية التي يحتاجها كل صنف من المشتقات ليتم تحويله إلى منتج نهائي، والمنطق والعلم يقول أن التغير في سعر المادة الخام يتبعه بالضرورة تغير في سعر المنتج النهائي وهذا ما لم يحدث لكافة المنتجات.
باعتقادي أن تلك العمليات التحويلية لم يطرأ عليها أي تغيير أبدا حتى نقول أن تكاليف تحويل النفط الخام إلى سولار وكاز قد انخفضت، وهذا ما لم يتم الإفصاح عنه من قبل شركة مصفاة البترول لا بتقاريرها المالية ولا بافصاحاتها عن التغيير في العمليات التحويلية للشركة.
ليبقى السؤال اللغز، وهو كيف تم احتساب هذه النسبة الخجولة على صنفين فقط من المشتقات دونا عن غيرها؟
أرجو أن لا تقول الحكومة ووزير ماليتها العتيد أن ذلك جاء للتخفيف من معاناة المواطنين في فصل الشتاء الذي يبدو انه قارصا في ظل حكومة لم تعد للرأفة مكان في قاموسها.
دولة الرئيس يعلم علم اليقين أننا شعب مثقف ومتعلم وقادرين على احتساب كلف التصنيع من بدايتها وحتى وصولها إلى المستهلك، فلماذا هذا الإستغباء علينا، وهل يرانا دولته مغفلين حتى نصدق ذلك.
أليس أنت وكل المسئولين من تفاخرون بقدراتنا الفذة على مستوى العالم؟ ونحن كذلك. إلا أننا لغاية هذه اللحظة لم نتمكن من فك طلاسم التسعيرة الحكومية التي كان دولة الرئيس يشكو منها، ليأتي هو اليوم ويمارس نفس الطلاسم، وأكاد اقسم بالعلي العظيم أن لا دولة الرئيس ولا وزير ماليته قادرون على فك تلك الطلاسم.
ودعوني استحضر الماضي القريب قليلا، ففي عهد حكومة نادر الذهبي تم تحرير أسعار المشتقات النفطية بالكامل مقابل زيادة بلغت 50 ديناراً لكافة الموظفين، وبعد ذلك بدأت عملية الرفع والتخفيض في أسعار المشتقات حسب التسعيرة العالمية، وعلى ما اذكر – ويذكر الجميع- انه عندما تجاوز سعر برميل النفط حاجز الـ 150 دولار أمريكي، بلغ سعر لتر البنزين ذلك الوقت بنفس سعره اليوم ولم يعترض المواطن على ذلك، وعندما انخفض سعر البرميل إلى ما دون الـ 40 دولار وصل سعر صفيحة البنزين على حدود الـ 7 دنانير.
هذا يعني أن المشتقات النفطية تحقق دخلا للخزينة بمبلغ يفوق بكثير الـ 400 مليون دينار سنوي، وأيضا لا اعتراض لنا على ذلك، فقط كل المطلوب من الحكومة الإجابة على سؤالين اثنين لا ثالث لهما.