كيف ستبني إيران الثقة مع الخليج العربي؟
روزانا بومنصف
03-12-2013 04:30 PM
اطلق وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف من دول خليجية أعضاء في مجلس التعاون الخليجي أولى الرسائل العلنية ممهداً في اتجاه فتح الأبواب مع المملكة العربية السعودية وحملت هذه الرسالة في طياتها مؤشرات ايجابية في النظرة الايرانية مع الحكومة الجديدة الى "الاهمية البالغة للمملكة في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي" ودعوة الى الشراكة في المنطقة من خلال "العمل معاً على ارساء السلام والاستقرار في المنطقة".
وهذه الرسالة تفيد وفق مضمونها بان ايران تنوي العمل من اجل الاستقرار والسلام وتبعاً لذلك ليس هناك ما تخشاه دول الجوار التي تتهم ايران بزعزعة الاوضاع في دول المنطقة في طموحاتها وامتداداتها العقائدية. وقد تلقفت مصادر ديبلوماسية عدة هذه المواقف بايجابية حذرة. اذ يكتسب هذا الموقف أهمية في سياق التطورات في المنطقة وردود الفعل عليها، مع ان المسألة تتطلب انتظار المزيد من الوقت من أجل اتضاح كيفية ترجمة ايران ما تعلنه على هذا الصعيد باعتبار ان هناك من يعمل من حلفائها وامتداداتها في المنطقة وصولاً الى النظام السوري على رفع سقف العداء والاتهامات للمملكة كما فعل الرئيس بشار الاسد الاسبوع الماضي.
وتدرج مصادر ديبلوماسية مراقبة هذه المقاربة الايرانية في اتجاه دول الخليج المتدرجة صعوداً عبر بعض هذه الدول نحو المملكة السعودية بعد أقل من عشرة أيام على توقيع الاتفاق مع الدول الغربية حول ملفها النووي في اطار متعدد الاتجاهات يشمل من بين ما يشمل:
أولاً - تسويق الأهداف الجديدة لايران في اتجاه الانفتاح على العالم ودول الجوار سعيا الى الخروج من عزلتها الطويلة. فعودة ايران الى المجتمع الدولي يتعين ان تجرى وفق شروط المجتمع الدولي وهو ما يتطلب تغييراً في اسلوب تعاطي ايران مع الخارج العربي أيضاً وليس الغربي نظراً الى ان دول الجوار العربي مؤثرة على ايران مباشرة وعلى الغرب أيضاً على رغم بقاء اسئلة كبيرة حول طرق ترجمة ايران ما قاله وزير خارجيتها وما اذا كانت عودة التقارب مع الخليج ستترافق مع خطوات معينة في هذا الاتجاه تظهر جدية ايران تماماً على غرار عملية بناء الثقة مع الدول الغربية في خلال الأشهر الستة المقبلة.
فهناك كمّ هائل من الاشكاليات التي تحتاج ايران الى بناء الثقة حولها من البحرين الى لبنان مثلاً، خصوصاً ان هذه الاشكاليات ليست كلها على غرار الازمة السورية التي تتطلب جهداً اكبر ووقتا طويلا في ظل التعقيدات القائمة. فهل يمكن ان يزور ظريف البحرين مثلاً او تدفع ايران في اتجاه تسهيل تأليف حكومة جديدة في لبنان. اذ هناك تساؤلات جدية في هذا الاطار نظراً للاعتقاد الراسخ بان هناك مسائل معينة ليست في يد الرئيس روحاني ووزير خارجيته خصوصاً في ما يتصل بتوسيع نفوذ ايران في المنطقة وما يثيره من خلافات.
لكن ثمة من يقول ان هناك خطوات او نصائح لايران في هذا الاتجاه اذا كانت تنوي السير قدما نحو انجاح حصول اتفاق نهائي مع الغرب حول ملفها النووي باعتبار ان التفاهم والانفتاح قد يخففان من الضغوط الغربية عليها لاحقاً. ثم ان المشاركة في جنيف 2 حول سوريا والمساهمة في تطوير ارضية مناسبة للتوافق حولها باعتبار ان التوافق الاميركي الروسي غير كاف لا بد ان يوافقه او يرافقه توافق اقليمي مواز.
ثانياً - التسويق للاتفاق المبدئي الموقع مع الغرب حماية له أيضاً.
اذ ان المسؤولين الايرانيين اطلقوا اخيراً مواقف اعلامية تتناقض مع ما قيل او شمله مضمون الاتفاق الموقع بين ايران والغرب. الا ان هذه المواقف لم تستدع اي رد فعل غربي مستنكر او رافض نظراً للضرورات التي يحتمها تسويق الاتفاق لدى المتشددين في ايران من الذين يضغطون على الرئيس الايراني وحكومته فبدا واضحاً الهامش الكبير المتروك مع الادارة الايرانية الجديدة. في المقابل هناك مقاربة مختلفة لايران في اتجاه دول الخليج من أجل تخفيف الضغوط أيضاً على الولايات المتحدة وادارة الرئيس باراك اوباما باعتبار ان استفزاز الاصدقاء لاميركا في المنطقة نتيجة الاتفاق قد لا يساعد في اتجاه اتفاق نهائي في خلال الأشهر الستة أو السنة المقبلة.
(النهار اللبنانية)