المرحلة الحرجة .. نحو فهم أفضل للحالة الأردنية
المحامي بشير المومني
03-12-2013 02:35 PM
نحو فهم أفضل للحالة الأردنية ، هذا الجزء والذي يليه سيكون قاسيا صادما صريحا يقوم على انزال الحالة الواقعية على حالة الفهم والتصنيف ومقدما فأنني أتوجه بالشكر لكل وكالة أخبارية ستتحلى بالشجاعة الكافية لنشره لا سيما أنه سيكشف عن مشهد خطير جدا لن يعجب الكثير من الجهات بما سيرد فيه لأنه سيعري حالة أستهداف الوجود الأردني وبالـتأكيد سيقرأ بعناية من قبل المرجعيات العليا وجهات صناعة القرار الأستراتيجي الأردنية وغير الأردنية والمفكرين والسياسيين والحزبيين والحراكيين المثقفين وبالطبع السفارات ولا أنسى صاحب كل ضمير حي يؤمن بوجود هذا البلد وحقنا في الدفاع عن الأردن ومستقبل أطفالنا ..
لقد كان من المفترض أن يتطرق هذا الجزء من المقالات للدستور بشكل متخصص ألا أن قراءة المشهد الأردني أستدعى التوسع في بسط جوانب أعادة بناء النظام وركنه الملكي لا سيما أن القراءات تشير بوضوح الى عمليات أستثمار أستخباري سوري واسرائيلي للمشهد في المملكة ومن جانب آخر فلن يستطيع البعض تفهم ماهية الطرح الدستوري المطلوب وعمليات التوفيق والمقاربات المقترحة وأهمية ذلك لاستمرار الدولة الأردنية بطريقة تتجاوز تجاذبات المشاريع الدولية أو على الأقل تخفف من ضررها القادم لا محالة لا سيما أن هذه المشاريع تنظر للأردن كخاصرة ضعيفة في المنطقة يمكن أجراء التسويات على حسابها ولقد كان من الخطأ الأنتقال للكلي ( الدستور ) دون التوسع في التفاصيل بحثا وربطا فأعتذر عن ذلك ..
وبالعودة للمشاريع الثلاث التي تتنازع الدولة الأردنية وأعادة بنائها نجد أن مشروع الملكية النيولبرالية كأفراز وحالة تأهيل شاذة للحرس القديم قام بتحطيم الصورة الملكية في ذهن الناس وقد ولغ هذا المشروع البرجوازي العفن في صحن العرش بفساد عز نظيره يحتاج للغسل سبع مرات احداهن في التراب ولقد أسقط في يد الملك ووصل لمرحلة أنه كان يتحدث مع نفسه في عملية تطوير المملكة ولم يحظ بدعم شعبي لحماية البلد من طغمة جمعت عناصر السياسة والمال ومراكز النفوذ والاعلام وسيطرت على المكونات الاردنية وكيفت وشرعت القوانين لصالحها وقامت ببناء نظام اقتصادي اقطاعي استحواذي امتص دم الشعب وأفقد العرش قيمة وجوده ومرجعيته التاريخية الدينية كسليل آل البيت لذلك كان الحراك الشعبي في المشروع الثالث ( الملكية الشعبية ) فرصة تاريخية امام الملك ومؤسسات الدولة الفاعلة وقدم له دفعة قوية واسناد كبير جدا لتغيير المعادلة والقيام بعمليات العزل العكسي لهذا المشروع العفن ..
أما المشروع الثاني المتمثل بالملكية الحزبية / الدستورية والذي كان ولا يزال بقيادة تنظيم الأخوان تحديدا فلقد صدق فيهم وصف الملك بأنهم ذئاب بثياب حملان وتقاطعت مصالحه واجنداته مع فكرة صهيونية تستند للحقوق السياسية المنقوصة ومشروع دولي لتسوية شاملة في المنطقة يكون فيها الأردن المنطقة المنخفضة لاستيعاب كل سيول المنطقة لا سيما أنه يقوم أصلا على فكرة أقامة هلال أخواني في دول الطوق يقوم بتفكيك ما يسمى بالهلال الشيعي السياسي لكن خطورته في أعادة الأصطفافات في المنطقة على أساس طائفي يدير الظهر لأسرائيل ويوجه البندقية للشرق ويعطيها شرعية الوجود الديني اليهودي بأعتبار أن محيطها ديني أسلامي وبنفس الوقت تقوم الأطراف بقيادة تفاهمات سلام دائم لاعتراف أشد الناس تطرفا به وظهر ذلك في مصر مرسي أما ما حصل في غزة وتدخل الوسيط الأخواني لحل الأزمة مع اسرائيل فلقد كان تطبيقا نوعيا لذلك ولقد حاول هذا المشروع تكرار مأساة ياسر عرفات بالملك عبدالله من خلال سحب الصلاحيات ووضعها بيد رئيس وزراء حزبي برلماني ومن ثم السيطرة على الدولة تحت مفهوم الولاية العامة للحكومة بشكل تضليلي ومخالف لفكرة توزيع الولاية العامة في الدستور ..
الوضاعة السياسية والأجرام الأخواني بحق الأردن قد بلغ أوجه هذه الأيام فعملية تفكيك الحراك الشعبي الذي يقود لملكية شعبية يصوب مسار الدولة والذي يشكل خطورة على مشروع الملكية الحزبية / الدستورية يتم بقيادة تيار هدام منحط القيم داخل الأخوان الذي أجبر على أعادة التموضع لسقوط المشروع في مصر وعاد ليرفع شعاراته التاريخية وعلى رأسها تحرير فلسطين في عملية عهر سياسي مفضوحة ولكنها بالتأكيد تخدم عملية تحفيز المكونات الأردنية التي لجأ أليها المفكر الاستراتيجي الأردني وأختار لهذه الشخصية دولة طاهر المصري الذي يتوجب عليه قيادة المكون الفلسطيني في الأردن بطريقة تخدم الوضع السياسي والسيادي والوحدة الوطنية وبما يحقق مصالحنا الاستراتيجية في الأردن من جانب حقي العودة اللاواقعية والتعويض المستهدف بحالة اللاواقعية وأصباغ عليها فكرة الحلم كما أصبغ ذلك على حق العودة لأن مفتاح الحل في فكفكة ألغاز المشهد الأردني لم يكن يوما بيد أبناء شرق الأردن بقدر ما هو بيد المخيمات الفلسطينية التي دارت حولها معركة شرسة للسيطرة عليها وفقا لمفهوم كل مشروع سواء الملكية الارستقراطية او الحزبية او الشعبية ..
أزاء القذارة أعلاه للتنظيم العالمي للأخوان حاول تيار البناء في الجماعة أعادة أصلاح الجماعة من الداخل دون جدوى لاعتبارات ليست مقام بحث هنا فخرجت النخبة المؤمنة بالوجود الأردني من الحالة الحزبية الى حالة التشبيك الواقعي والتنظيمي مع المشروع الثالث المتمثل بالملكية الشعبية التي كانت تتحرك بقوة في الأطراف فكانت زمزم نتيجة طبيعية لذلك فرد تيار الظلام والحقد والكراهية والهدم الأخواني على تيار البناء بألصاق تهم ما أنزل الله بها من سلطان بأعتبار زمزم مشروع شرق أردني لا يراعي ما يزعم بكل وقاحة أنها حقوق منقوصة للشعب الفلسطيني في الأردن والتي تغذيها المخابرات الاسرائيلية فكرا وقيمة ومنهجا كسياسة ومصلحة استراتيجية اسرائيلية عليا بكافة الطرق والوسائل وعلى رأسها الانحرافات والشذوذ الفقهي والسياسي والواقعي في تيار الهدم والحقد والكراهية الأخواني الذي يمارس لواطه السياسي بين ظهرانينا وهذا ما يفسر قرار تيار الهدم والظلام بمحاكمة تيار البناء والنور داخل الجماعة لأن أعطاء زمزم فرصة قيادة مشروع بناء الدولة الأردنية شعبيا بشكل راشد سيفكك المشاريع الأخرى ويسقطها أرضا فتم اللجوء للعزل التنظيمي والمحاكمات على أسس أقليمية ..
هذا الوضع سيقود الى عملية انقسام اخواني واسعة على أسس أقليمية أيضا تؤدي لعملية أنشقاق أوسع ويترك فيها تيار الهدم والظلام ليقود تنظيم مثل الأخوان دون رادع او معقب مما سيقود الى الصدام المسلح مع الدولة كنتيجة حتمية للحالة يخشى ان تحاكي فكرة أيلول الأسود ولكن هذه المرة باسم الله افتراءا على الله لذلك قلنا ونقولها وسنبقى نقولها أن أكبر خطر على الوحدة الوطنية الأردنية هو تيار الهدم الأخواني الذي يقود التنظيم مما يستوجب تفكيكه من الداخل الأخواني ولا مصلحة متوخاة من عملية الانقسام والانشقاق الداخلي للتنظيم على الأقل حاليا ..
ومهما بلغت عمليات الضغط على الفكر التنويري الذي ينهج منهج حسن البنا على حقيقته والذي يمثل روح جماعة الاخوان المسلمين في زمزم لا روح ابليس نفسه كما في تيار الهدم والظلام لابد من التريث وعدم الاندفاع في عملية أنشقاق أخواني ولابد من قيام كل أردني شريف برفع شعار ( الشعب يريد أصلاح الأخوان ) لا سيما ان ما سبق نستطيع من خلاله تفسير محاولات تيار الحقد الأخواني لهدم حراك الأطراف الذي استطاع سحب القرار من العاصمة وظهر ذلك في عمليات تيار الهدم معاودة ركوب وتجيير المكون الفلسطيني الغالب على العاصمة والسيطرة الأخوانية عليه من خلال الفعاليات الكبرى في العاصمة لكن هذا المكون وخصوصا في المخيمات أفشل بعملية الأمتناع والعزل للأخوان وبوعي عجيب - يستحق الأحترام - هذه المؤامرات الوضيعة المنحطة وأثبت بوعيه أنه لا ينحاز ألا للأردن وعرشه وأمنه واستقراره وأنه شقيق حقيقي وتوأم للأردني يمكن التعويل عليه عند الشدائد فتحالف المكونات في الأردن وتنسيق عملها وتوزيع أدوارها هو السبيل الوحيد لتجاوز المرحلة الحرجة لكن لابد للمخيمات من تحرك فعال ..
التحدي هو أن المكون الفلسطيني لدينا لا يعتبر أن المعركة معركته أصلا واتخذ قرارا منذ البداية بعدم المشاركة في حالة الربيع الأردني لأسباب متعددة على رأسها أيمانه بأن الأردن المستقر القوي هو خير حليف للفلسطيني بالداخل وأن قضيته الأساسية هي فلسطين وأن أية مشاركة سلبا أو أيجابا سواء في دعم الوجود الملكي او معارضته سيكون له عواقب وخيمة وسيدفع المكون الفلسطيني فقط لا غيره الثمن غاليا جدا سواء في أتهامه بألأيلولية او أنه يقدم نفسه بديلا عن العشائر في دعم النظام ..
لذلك كان التفكير الأستراتيجي للمفكر الفلسطيني هو ألتزام الصمت لحساسية الموقف ولكنه بصمته كسب أكثر مما لو تحرك لا سيما أن مشروع الهدم الأخواني وجهات الحراك الشعبي غير المثقف قادت مواقفهما لعملية أستغلال قذرة من قبل مشاريع عابرة للقارات فرضت شكلا من أشكال توطين الواضحة التي أصبح المكون الفلسطيني معها مطالبا بالتحرك لحماية الهويتين الأردنية والفلسطينية لذا كان قرار تحفيز المكونات مسألة وقت وتحصيل حاصل بالرغم من مخاطر عبث أطراف دولية أستخبارية متعددة في الأردن ليس أقلها المخابرات السورية والأسرائيلية ..
أزاء المشروع الثاني فلقد كان الشعب الأردني يتحرك بطريقة عفوية صادقة في كل مكان وخصوصا في الاطراف مطالبا بحقوقه الأقتصادية المنقوصة والتي فجرها قهرا المشروع البرجوازي العفن وهيمنته على مفاصل الدولة الأردنية بأعطاء من لا يستحق ما لا يحق أرثا ومحاصصة وبيعا وهيمنة وأذا كان المشروع البرجوازي الذي نخر في اركان العرش مرتبط أقتصاديا بالمشروع الغربي الرأسمالي فأن المشروع الثاني الحزبي مرتبط سياسيا بالفكرة الأمبريالية الأمبراطورية كوجه جديد أما المشروع الثالث الشعبي فأنه وحيد يتيم لكنه أشرف وأنظف وأطهر من كل ما سبقه لأنه ينطلق من الأردن فقط ولكن العلة في عملية الأنتهازية والركوب التي تعرض لها من جهات نقلت الثورات العربية برمتها من حق يراد به الحق ، لحق يراد به الباطل ، لباطل يراد به الباطل وفي المقال القادم سنعرض لأمتداد نظام الأسد في الأردن والدور الأستخباري السوري من هذا الجانب ..