مِن الواضح أننا أمام قضية جديدة، ستشغل الرأي العام الأردنيّ لفترة طويلة، وهي الاتفاقية التي أعلن أنها مزعومة لبيع أسهم «الضمان» في بنك الاسكان.
من الممكن أن تكون القضية برمتها مفبركة من الشركة المدعية لابتزاز مؤسسة الضمان والحكومة الاردنية.
ومن المُمكن أيضا أنْ يكون هناك أساس للقضية، ولو بحدّه الأدنى «حديث عابر»، أو حالة عرض من جهة ما لشراء حصة الضّمان في البنك، ومن المؤكد أيضاً أنّ الأمور لم تصل إلى درجة الموافقة على البيع، وبالتالي احتفظ الضمان بأسهمه.
المهم ليس ما حدث بمقدار كيف سنعالج هذه القضيّة على المستوى الوطنيّ، ولا بدّ من إعطاء الحقّ لأهله، حينما أعلنت الحكومة تفاصيل القضية للرأي العام، على لسان رئيس صندوق الاستثمار في الضمان سليمان الحافظ، وهذا بحدّ ذاته يعتبر إنجازا، فقد ولّى زمن الضبابية والكتمان عن الناس، وفوق ذلك كلّه أنه لا يجوز تحت أي ظرف، المسُّ بمصداقية صندوق الاستثمار في الضمان والمؤسسة بكاملها، وهزِّ ثقة النّاس بهما، وهذا نتحمل مسؤوليته نحن في الصّحافة والإعلام أولاً، حيث على الجميع أن يراعي المصلحة الوطنيّة في النشر والتحليل وبثِّ المعلومات، فالشعب الأردني حساسٌ تجاه هذه المؤسسة، ويربط مستقبله بها، وأيُّ إشاعة أو خبر مبني على غير صدقية، يؤثر على استقرار الشّارع الأردني، وعليه لا بدّ لنا عند معالجة هذه القضية على أي مستوى، بأن نتحلى بروح الوطنية إلى أقصى حدٍّ.
وفي المُقابل، إذا ثبت لا سمح الله تعالى أنّه بالفعل كانت هناك نوايا غير سليمة، لدى بعض الأشخاص أو الجهات، في توريط الضّمان في هذه الصفقة المشبوهة، فيجب أن لا يُؤخذ برحمة أو شفقة، بل يُشهّر به، ويُحاكم علناً أمام الرأي العام، وأمام كلّ جهة ذات صلاحيّة، وهنا يُفتَح بابٌ لسؤال كبير عن آلية البيع والشّراء المعتمدة في وحدة صندوق الاستثمار في الضّمان، حيث لا بدّ من ضرورة تحصينه تحصيناً متيناً، وتوسيع قاعدة المشاركة في قرارات البيع والشّراء، ولا يُترك الموضوع لمجلس إدارة الصندوق وحده، بل يُربَط فعليا بمجلس الوزراء، وأنْ يكون مجلس النواب جزءاً من القرار، إذا كانت الصفقة من العيار الثّقيل، لأنّ الأموال التي يستثمر بها هذا الصندوق أموال الأردنيين، وبها مستقبل أبنائهم ومن واجب الجميع حمايتها.
نحن لا نُبالغ ولا نجامل عندما نقول إننا مطمئنون على أموالنا كمواطنين في الضّمان، ولكنْ، من حقنا أنْ نُحصّن هذا الاطمئنان، ونجعله دائماً... ولا نريد أن نُصدم بين فترة وأخرى، بقضية أو محاولة كهذه التي نعيشها هذه الأيام.
نُؤكد من جديد، أنه لا يجوز زعزعة الثّقة الوطنيّة بمؤسسة الضّمان، تحت ضغط شهوة الإثارة والسَّبق، ولكنْ، إذا توفرت المعلومة الصحيحة والصادقة، فلا بدّ من وضعها بين يدي الأردنيين، ليعرفوا على أيِّ طريق يسير مستقبلهم في هذه المؤسسة... دائماً الصّراحة والصدق يُنجيان صاحبهما، وما قامت به الحكومة حين أعلنت من خلال صندوق الاستثمار في الضمان، عن هذه القضية وتفاصيلها، جعلت القضيّة تتحرك في الشّارع الأردنيّ بشكل طبيعي، وبنقاش هادئ... لنتخيل لو أنّ الحكومة أخفت القضية، وحاولت علاجها في الغُرف المُغلقة، وتم اكتشافها بالصُّدفة من قبل إحدى وسائل الإعلام، ونُشرت بشكل مشوّه ومبالغ فيه، واضطرت الحكومة للنّفي، لكانت القضية الآن عبارة عن قنبلة انفجرت في الشّارع الأردنيّ، لذلك نُؤكد أنّ الصّراحة والشفافيّة دائماً تؤديان إلى حوار وطني هادف، يُوصل الجميع إلى شاطئ الصِّدق والأمان، وهذا هو المطلوب دائما، حتى لا نجعل للمحطّبين في الظلام مكاناً بيننا.
(الدستور)