كان الحظ حليفي مساء اليوم.. فقد كان من حسن الطالع ان منَّ الله علي بفرصة التحدث ولاكثر من عشر دقائق مع نائب من العيار الثقيل..
كنت أحاول اقناع صاحب السعادة ان يحدثنا لمدة سبع دقائق حول دور النواب والمواطنين في الحكومات البرلمانية.. وتأتي الفعالية التي دعوت صاحبنا لها ضمن برنامج ينفذه منتدى الفكر العربي والذي كلفني تنسيق فعاليات هذا البرنامج.
النائب المهم هذا صديق قديم بيننا الكثير من الود والاحترام.. الا اننا نختلف حول كثير من القضايا منذ اكثر من ربع قرن...
كان صاحبنا هذا وبصفته مناضلاً سابقاً يتحدث عن الاصلاح بحماس لا نظير له، يوم كان الجميع يأخذون الارض (حسب رأيه) كلما ذكر احدهم الاصلاح على بعد امتار منهم..
رافقت صديقنا هذا في رحلات الى اوروبا ودول الاقليم وبعض الدعوات التي كان ينظمها داعمو الاصلاح من العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الاكبر.. وقد تعلمت منه الكثير وشاركته في كثير من المواقف وكان البعض يرى فينا اثنين في واحد.
لسنوات كان صديقنا يتنقل بين الصحافة والبحث ومحاولات اجتياز حواجز الصوت الواحد ليصبح نائبا.. في كل مرة يشحذ نفسه بالامل ويسرج حصانه وقبل ان يصل الحاجز الاخير يكبو حصانه ولم يفقد الامل.. اخيرا وبفضل الربيع العربي الذي اقنع امننا بالتخلي عن خشونته نجح صاحبنا الذي ما انفك يحاول منذ اكثر من عقدين.
لقد ولدت انتخاباتنا نائبا انضجته سنوات الانتظار.. والتجارب المحبطة والقراءات المعمقة في قصص التلاعب والتزوير التي كان يعرفها وعانى من نتائجها...
على الرغم من الفتور الذي ساد علاقتنا في آخر عامين او ربما ثلاثة اعوام كان خبر نجاحه نذير بشر لي وللكثيرين ممن عرفوا فكره وجرأته التي يندر ان ترى مثيلاً لها في زماننا او بلادنا.. فبادرت لاكون من اوائل المتصلين به.. وكنت اعلم مدى فرحة والده الذي قدم احد اصدقائنا لمذكراته بوصفه احد زراع الحياة,,,
في الوقت الذي وصل الكثير منا الى عتبات القنوط... متأثرين بما نشاهد ونقرأ ونسمع.. اعتذر صاحبي هذا عن دعوتي له بالمشاركة بفعاليات المنتدى.. لانه يعكف وثلة من رفاقه النواب على تقديم تصورات اصلاحية في التعليم والسياسة والاعلام والاعمال الصغيرة... حاولت تحريضه كما كان يحرضني فتبين لي ان الرجل عصي على التحريض.. صمت قليلا ولم اجد ما اقول غير ما يقوله الخطباء في الاعياد الوطنية بعد ان تنعقد جباههم ويأخذون وضع التهيوء العسكري (حمى الله الاردن)