بعض الردود التي تصدت للحملة، التي أطلقها بعض الشباب على صفحات الفيسبوك: (معيش غير دبلتين تتجوزيني؟!)، كانت ردوداً حجرية، تضرب بعرض الحائط البعد الإنساني المتجلي في هذه الصراحة الواضحة.
الردود غلب عليها التهكم والسخرية، وكان أكثرها قتلاً وقسوة: (اللي معوش ما بيلزمهوش)؟!.
بل يلزمه ويلزمه، والمجتمع الذي يطيّن أذنيه عن هذه المطالب، هو مجتمع يمشي بعكس الفطرة البشرية، مجتمع فردي أناني، قصير النظر، لا يرى أبعد من أرنبة أنفه. ولهذا يجب أن نلتفت للحملة، ونأخذ بساطة المطلب ومباشرته على محمل الجد، بعدما اعتلج الصبر طويلاً في النفوس وزعزعها.
و(محبس) الزواج، أو الذبلة، هو اختراع فرعوني محض كالهرم، فالحلقة أو الدائرة ترمز إلى الأبدية والديمومة، في اللغة الهيروغليفية، وهذه الفتحة في الإصبع، ربما جاءت تطوراً طبيعياً عن الخلخال في الساق، أو السوار في اليد، فلا يُعقل أن تبقى هذه الأصابع عارية دون زينة!!. وتعطي (الذبلة) دلالة واضحةً أكيدة على أن لابسها، من رجل أو امرأة، مربوطٌ برباطٍ مقدّسٍ أبدي، هو الزواج، تماماً، كما يتخذ الهنود الوشم الأحمر الدائري، بين حاجبي المرأة؛ للدلالة عن أنها متزوجة.
والمحبسُ يُلبسُ في البنصر(الإصبع الرابعة في اليد)، وفي الخطوبة يكون في اليد اليمنى، وعند الزفاف ينتقل ليستقر في اليسرى إلى الأبد؛ فربما هذه اليد أقرب كثيراً إلى القلب، أو أنّ بها شرياناً يمتدُّ مباشرةً إلى شغاف القلب!، وقد يكون سبب هذا الاستقرار، هو أنَّ اليد اليسرى كسولة عند الكثير منّا، وأقل عملاً من اليمنى، مما يجعل المحبس فيها بأمانٍ أكثر، وبعيداً عن التلف والهلاك!.
الذهب حلّق في سعر فلكي لا يرام، وأصبحت شبكة بسيطة، يقدمها العريس للعروس تكلف أكثر ما لا طاقة للكثير به. ولهذا أجدني متعاطفاً مع الحملة، متمنياً أن تهمزنا، لنعيد النظر في بعض عاداتنا وتقاليدنا، التي تقف سداً أمام زواج الشباب. لدينا فئة كبيرة تعرفون حجمها الحقيقي، فئة يجب أن تشكل أسراً، قبل فوات الأوان.
أعرف صبية طلبت شبكتها فضة، وتقول إنها سعيدة بذلك، فالفضة جميلة وأنيقة ولها سحرها وبريقها. وهناك صبايا يقبلن على الذهب الروسي، وصبايا عمليات يقبلن بذبلة خفيفة. اي أن الحلول كثيرة ومتاحة. وقبل هذا، علينا أن نسمع الشباب، ونمد يدنا لعونهم. ويبقى على الأهل دور كبير لتقبل ثقافة تضرب بعرض الحائط (العرط الذهبي)، الذي طالما نفر شبابنا من الزواج.
(الدستور)