راكان السعايدة يكتب: مذكرة حجب الثقة .. الطريق غير سالك !
30-11-2013 05:34 AM
بالتقييم المنطقي، مذكرة النواب لحجب الثقة عن الحكومة، لن تجد طريقها إلى الترجمة العملية، لسبب أساسي، ان الموقعين عليها قياسا بالعدد الكلي لأعضاء المجلس نحو 10 بالمائة.
ذلك رقم متواضع، ويعطي إشارات ان خطوة حجب الثقة تتركز فيها عناصر المغامرة السياسية والبحث عن أضواء إعلامية محصلتها النهائية منح الحكومة شرعية نيابية متجددة قد تستثمرها لاتخاذ قرارات غير شعبية.
بمعنى أن فشل النواب في حجب الثقة عن الحكومة، المتهالكة والمتآكلة شعبيتها في الشارع، سيبث فيها الحياة من جديد، ويمد بعمرها إلى منتصف العام، على الأقل، فيما الشارع ينتظر سقوطها.
لذلك، إذا كانت خطوة النواب غير محسوبة، وأحسبها كذلك، فسيكون لها أثرها السلبي على مجلس النواب ذاته، وسينحت في شعبيته المتراجعة، وسيضع النواب أنفسهم في سلة واحدة مع الحكومة من حيث السخط الشعبي.
ولكي تكون خطوة حجب الثقة مجدية وتعطي نتيجة، فلا بد لها من تحضيرات حقيقة وجدية، ولابد لها من ثقل نيابي يسندها، وإلاّ فان الخطوة قفزة مغامرة وطوق نجاة تستفيد للحكومة.
ثمة مسألة أخرى، أو تساؤلا آخر، انه بفرض نجاح النواب في إسقاط الحكومة بحجب الثقة عنها، هل المجلس جاهز لتشكيل حكومة برلمانية، أم ان تجربة اختيار الحكومة الحالية ذاتها ستتكرر مرة أخرى وتنتج شكلا مشوها من الحكومات البرلمانية، التي ليس لها من اسمها نصيب.
وهذه (أي الحكومات البرلمانية) مسألة ليست ترفية، بل جوهرية وأساسية، والفشل مرة أخرى بشأنها يعني ان صرف النظر عنها من قبل صانع القرار سيكون أمرا مبررا ومنطقيا.
بالنظر إل تركيبة المجلس غير المتجانسة وكتله، وإن تمت شرعنتها بموجب النظام الداخلي لمجلس النواب، إلاّ انها لا تزال "هلامية" وتفتقد التماسك وغير قادرة عل إنتاج تصورات وازنة وصلبة.
والأصل أن ينخرط النواب في الفترة الحالية بتأمين أعلى درجات التماسك وتطوير برامج إصلاحية، واختبار قدرة كتلهم، بعد شرعنتها، على أداء رقابي وتشريعي وسياسي عميق ومنتج، ومن ثم الانتقال إلى خطوة حاسمة من وزن حجب الثقة عن الحكومة، وما يليها من إمساك النواب بزمام تشكيل الحكومات لتفادي تجربتهم السابقة غير الموفقة.
فتكرار التجربة السابقة في اختيار رئيس للحكومة، من غير التحضيرات الضرورية والبنية المناسبة، يعني عدة أشهر من المشاورات لاختيار رئيس حكومة، وخلافات محتملة بين كتل "هشة" على تقاسم الكعكة، قد لا تنتهي برئيس بل بضربة قاصمة أخرى لدور البرلمان في اختيار حكومته وهو ما تتمناه طبقات عدة في الحكم لا يروقها فكرة الحكومات البرلمانية وفقا لصحيح العمل الديمقراطي وتريد بقاء النمط التقليدي في تشكيل الحكومات لأن فرص تأثير هذه الطبقات أكبر وأفضل.
القضية ليست عواطف وانفعالات متأججة داخل نواب، القضية يجب أن تكون عملا سياسيا بامتياز وأن تدرس بعناية فائقة، ومحسوبة الخطوات والنتائج مسبقا.
والحالة الديمقراطية الراهنة، مع الاختلاف عليها، لا يجب ان يسمح لها، شعبيا، بتكريس أنماط حكم مشوهة، على الاقل، إلى حين وضع قانون انتخاب ديمقراطي توافقي ينتج مجالس نيابية تعددية قائمة على البرامج الحزبية ليكون للحكومة البرلمانية قيمة، لا مجرد ديكورات سياسية وإعلامية يدفع ثمن إخفاقاتها وتشوهاتها الناس.
الشعب يريد أن يرى رحيل الحكومة اليوم قبل الغد.. لكن بمقدار هذا الذي يريده، لا يريد استنساخ التجربة الحالية غير المنتجة وغير المجدية بل الملكفة وطنيا..
الشعب يريد حكومات يشعر انه أسس لها برلمانا حقيقيا لا متهالكا، الشعب مل المراوغات والمشاغلات والاستعرضات والبحث عن الشعبيات من غير فعل ينعكس إيجابيا على حياته ومعيشته ودوره المفترض في صناعة وإدارة مستقبله.