جماعة زمزم وموقف الجمـاعة
عمر كلاب
30-11-2013 03:09 AM
يأخذ شكل دعم مبادرة البناء الأردنية “ زمزم “ شكل التَشفّي بجماعة الاخوان المسلمين اكثر من شكل دعم المبادرة وضرورتها السياسية , ويأخذ شكل المحاسبة الحزبية لمؤسسي المبادرة او قيادتها المنتمين للجماعة شكل التَشفي والانتقام , جرّاء التجرؤ على القيام بمبادرة خارج رحم الجماعة ودون مباركتها اكثر من شكل المحاسبة الحزبية لاعضاء مجتهدين .
فالبيئة الحاضنة للمبادرة بيئة غير صحية على الاطلاق لأنها محكومة بين هلالي التشفي والانتقام , وبِنيتُها فيها الكثير من القطبية الحادة , فأبناء الجماعة المختلفون مع نهجها السياسي على المستويين التنظيمي والسياسي غامروا بإنتاج المبادرة مستثمرين اللحظة السياسية الراهنة التي تجافت فيها الدولة مع الجماعة او ينامان على فراش العلاقة القَلِق , كأن الريح تحتهما والاقليم يقوم بتوجيه الدفة.
زمزم مبادرة تحتاجها اللحظة الأردنية بوصفها صيغة توافقية للخروج من عنق الزجاجة التي أدخلتنا فيها الجماعة والحكومة على حد سواء , قبل ان تتحول هي نفسها الى ازمة بعد قبولها التسهيلات الرسمية لحظة الاطلاق بخاصة في مهرجان الاشهار الذي كشف مدى الرضا الرسمي عن شكلها دون القبول بمضمونها او فكرتها او السعي الى التعاطي مع فكرتها بجدية تتطلبها اللحظة الراهنة فبقيت اسيرة التشفي والانتقام , لأنها ببساطة لم تحرّك المياه السياسية الراكدة بحسب المأمول فلا هي دخلت في حوارات جادة ولا هي اثمرت عن خريطة طريق تتشكل من خلالها برامج تتصارع او تتوافق وبالتالي توجد حالة حكومتي الظل والتنفيذ .
جماعة الاخوان بدورها تعاملت مع المبادرة بوصفها مشروعا سياسيا نزقا لأعضاء شقّوا عصا الطاعة ويحملون بوادر انشقاق على الجماعة الأم , والمبادرة ربما حملت جينات الانشقاق او خلاياه النائمة على ادنى تقدير , وبدل التعاطي السياسي مع المبادرة بوصفها نافذة للهروب نحو الأمام اختارت الجماعة شكل وأد المبادرة بالضغط التنظيمي وبتسطيح الفكرة ومقاومتها سرا وجهرا وأخيرا ادخلتها نفق المحاكمات الحزبية التي تنتهي بالعادة الى فصل الاعضاء او تجميد المبادرة فلا يمكن فصل الشخص عن الفكرة , والتسارع الجديد بتحويل نشطاء وقيادات المبادرة الى المحكمة التنظيمية سيهشمان الشخوص والفكرة معا , فالمبادرة تَفقد اأقها إذا غادرها النشطاء الاخوانيون أو بقوا فيها دون صفتهم التنظيمية .
المبادرة اكتسبت دسمها من وجود النشطاء الاخوانيين وتفاعل المجتمع السياسي والإعلامي معها لأنها تحمل هذا الدسم، وجزء رأى فيها بداية انشقاق الجماعة وربما افولها , فما تسرب عن المبادرة من تشققات كفيلة بإخراج الجماعة من دائرة الفعل السياسي لأن كل سياسي يتعامل مع مفردات التقسيم السياسي والمجتمعي لا محالة زائل , والمبادرة تم التعامل معها بوصفها حالة تمرد على وضع مُلتَبس داخل الجماعة.
النشطاء الاخوانيون تسرّعوا بإطلاق المبادرة دون انضاج ظرفهم التنظيمي , وربما لوهلة ظنّوا انهم اقوى من الجماعة الأم أو أن الجماعة لن تمتلك الجرأة لمحاكمتهم كما قال احد رموزهم ذات لقاء , والجماعة نظرت الى المبادرة من أعين خصوم المبادرة داخل التنظيم ولم تنظُر اليها بعين سياسية بوصفها بوابة خلفية للقاء الأحزاب وباقي المكونات الرسمية، وبالتالي يمكن توظيفها لفتح حوار دون تحمل كلفته السياسية والتنظيمية , فإن نجحت المبادرة في تحريك الماء الراكد دخلتها من اوسع الابواب وان تعثرت فلا وزر عليها حتى لو حاكمت الاعضاء .
المبادرة ظلمها الانصار قبل الاعضاء وظلمتها الجماعة قبل الجميع , والتعاطي معها ومع رموزها بوصفهم خوارج خطيئة سياسية كبرى , والتعاطي مع رموزها بوصفهم قادة انشقاق خطيئة اكبر , فالمطلوب حركة تصحيح داخل الجماعة وليس حركة انشقاق , وكان الرهان على منطوق النشطاء بأنهم لن يخرجوا من بيت الجماعة ولن يفرطوا بالمبادرة لكنهم لم يجدوا الخلطة لمثل هذه التوليفة كما تقول الاحداث , وبالتالي فإن وجودهم داخل الجماعة اهم بكثير من المبادرة وعليهم التفكير جيدا قبل المحكمة بخطوتهم القادمة وفقا لمنطق خسارة جولة افضل من خسارة المعركة .
(الدستور)