الاتفاق الايراني هل يخدم الاردن
د. عدنان سعد الزعبي
28-11-2013 07:49 PM
لا يمكن ان نعتبر ان الاتفاق الايراني مع مجموعة (5+1) حول النشاط النووي الايراني والحضر الاقتصادي والاموال المجمدة انتصارا ايرانيا كما حاوت القيادة الايرانية الحالية ترويجها على الايرانيين والامتين العربية والاسلامية , فايران كان بامكانها تحقيق ذلك في فترات سابقة وبشروط اكثر اغراءا واكثر مصلحة لايران .
الملاحظ ان القيادة الايرانية وجدت نفسها على مفترق طر ق وان نزعة المعارضة داخل الشارع الايراني على الاوضاع بدات تتفاقم , وان الاتيان بالروحاني ما هو الا طريق جديد للتخلص من الاوضاع العامة في ايران والتي بدات بتهديد الكيان لايراني وصموده خاصة امام العقوبات الاقتصادية التي انهكت الاقتصاد الايراني . جنبا الى جنب استياء الايرانيين من المفارقة العجيبة بين اتساع رقعة المعاناة والفقر وبنفس الوقت الاستمرار بالدفع على المفاعلات النووية وبكلفة زادت عن 160 دولار .
الموقف الايراني الذي قبل بتخصيب فقط 3-5% فقط من اليورانيم المشع لاستمرار توليد الطاقة ولاغراض سلمية وضع منشآته النووية جميعا تحت اشراف لجنة من الاتحاد الاروبي وامريكيا اضافة الى الاشراف المباشر من المنظمة الدولية للطاقة النووية , في حين لم يفرج الا عن 7 مليار دولار من مجموع الاموال الايرانية المجمدة في الخارج والبالغة 100 مليار .
الانفراج الايراني الاروبي خدم الايرانيين في عملية تغيير واقعهم ومنحهم فرصة اعادة بناء علاقات طيبة مع المحيط على عكس ما هو سائد من ان الايرانيين سيستغلوا حالة الانفراج مع امريكيا واروبا لتحاول الامتداد والتوسع السياسي داخل دول الخليج وتفعيل دورها الشيعي داخل لبنان وسوريا .
الايرانيين احوج الان لان يبرهنوا سلمية توجههم ليعيدوا خلطة حساباتهم والاندماج اكثر بالمنطقة مفوتين الفرصة على تركيا واسرائيل والنفوذ الغربي من ان يقلص الوجود الايراني في منطقة الشرق الاوسط ومحاصرتهم تهديد وجودهم بضربات عسكرية .
اسرائيل الان غير قادرة على تنفيذ تهديداتها لايران بالضربات العسكرية كما جاء بتصريحات نتنياهو , خاصة وان اسرائيل مدركة الان ان الاروبيين والامريكان قد وقعوا الاتفاق مع ايران وهذا بمثابة التوجه الجديد لهم في معالجة نقاط التوتر الدولية , فالتناقض الذي يحصل الان في مواقف التيارات والاحزاب السياسية في اسرائيل خلقت حالة من الدوامة التي حملت نتنياهو مسؤوليات التصعيد وعدم اقناع الاروبيين والامريكان في ابقاء ايران معزولة عن العالم وتهميشها , واكدوا على ان تهديدات اسرائيل ونتنياهو بالذات لايران هو الذي اوصل الامور الى ما هي عليه لان دون ان ينفذ نتنياهوا اي كلام صرح به او وعد به الشعب والسياسيين الاسرائيلين .
فالاروبيين الان ينظرون الى القيمة المنبثقة من اعادة ضخ النفط الايراني وكذلك بناء جسور التحاور والتشاور مع ايران وايصالها الى مرحلة تصبح فيه حليفا بدل ان تكون العدو الاكبر خاصة وان تدفق النفط الايراني ذو فائدة اروبية كبرى وخاصة في هبوط اسعار النفط ما يقرب العشرين دولار خلال الستة الاشهر القادمة الامر الذي سيقلل من ميزان المدفوعات الاروبي وكذلك زيادة احتياطيات النفط لديها , فالنفط الايراني سيكون ايضا منافسا جيد لزيادة العرض النفطي في الاسواق العالمية .
سوريا رحبت بهذا الاتفاق الذي ستعتبره انفراج على الساحةالايرانية سرعان ما تعود فوائده على سوريا خاة وان مؤتمر جنيف القريب يشهد حضورا ايرانيا قويا طالبت به امريكيا والاروبيين وبهذا فموقف النظام السوري سيقوى بشكل مباشر في واقع التفاوض في المؤتمر اضافة الى ان موقف حزب الله بلبنان سيشهد تحسنا كبيرا وسيتنفس نصرالله الصعداء بعد ان كاد حبل الاختناق يلتف حول رقبة الحزب .
اما الخليج فلقد وجد بالاتفاقية امرين , الاول محاولة انفتاح وانفراج ايراني من الاوضاع الاقتصادية وبالتالي محولة اعادة بناء الدولة الايرانية على اسس جديدة من التعاون والتنسيق خاصة وان الاتفاقية حاصرت المشروع النووي الايراني بشكل كبير وكذلك اشتراط الافراج عن الاموال المجمدة بتقدم التوجهات الايرانية نحو المزيد من اتعاون والثقة .
ومع ذلك فهناك مخاوف خليجية من ان الانفراج الايراني الاروبي سيأتي سياسيا على حساب دول الخليج لكن هناك من يرى بان الخليج خط احمر لا يمكن السماح لاحد من التدخل فيه وان العقوبات الزائده على ايران كان لتجرؤها على التدخل في البحرين واليمن .
موقفنا الاردني يجب ينظر الى حالة الانفراج التي يجب ان تنهي اي حالة توتر تشغل العالم عن القضية الاولى والاساسية قضية فلسطين وكذلك من المهم ايضا ان نتطلع لايران كدولة اسلامية يمكن ان تكون شريك هام واستراتيجي لخدمة القضايا الاسلامية , اضافة الى ذلك دعونا ننظر للاتفاق وطبيعة وحاجةايران للخلاص من اوضاعها الراهنة والذي يحتم عليها اعادة النظر في علاقتها وفلسفتها مع الدول المحيطة وخاصة مع الاردن الذي يتميز بالوسطية والعقلانية والاتزان ويحمل على كاهله اعتى قضية عربية واسلامية هي قضية فلسطين . هذا اضافة الى الاستفادة الاقتصادية من انخفاظ اسعار النفط العالمية كذلك من الاستثمارات الايرانية في الاردن .
الاردن ينظر الى حالة الهدوء والاستقرار في المنطقة ويمكن ان يكون اللاعب الاكبر في سيناريوهات العلاقة الايرانية العربية بعد ان فقد النظام السوري الحالي اوراقه جميعا في العالم العربي , فايران يمكن ايضا ان تشكل ضغطا اضافيا على المجتمع الدولي لحل القضية الفلسطينية .
الاردن ستبقى اولوياته وتوجهاته في صالح الدول العربية الخليجية الشقيقة , وسيكون المدافع الاكثر ضراوة ضد اي من يحال المساس بقدسية العلاقة مع الاردن . ولكن لماذا لا نكون العامل المشترك الذي يوحد الجهود العربيةوالاسلامية ؟