الأردن وسط الخلاف السعودي الأميركي
فهد الخيطان
26-11-2013 02:50 AM
كان الأردن على الدوام يساند الجهود الرامية لإيجاد حل دبلوماسي لملف إيران النووي. وفي مناسبات عديدة، حذر الملك عبدالله الثاني من أن اللجوء إلى القوة مع إيران يشكل كارثة على المنطقة.
لكن عندما كان الأردن يتبنى مثل هذه المواقف، لم تكن علاقات حلفائه السعوديين مع إيران وأميركا بهذه الدرجة من السوء التي هي عليها اليوم. ولهذا السبب ربما، لم يصدر حتى اللحظة تعليق من الحكومة أو وزارة الخارجية على الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه في جنيف منذ يومين، بين إيران ومجموعة الدول الغربية.
وقبل توقيع الاتفاق، كان قد أُعلن أن وزير الخارجية ناصر جودة، سيشارك في اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي المزمع غدا، إلى جانب نظيره المغربي.
سيحرص الأردن قبل الإدلاء بأي موقف، على تلمس المزاج السعودي أولا، وجس نبض الدول الخليجية الحليفة. وقد يكون اجتماع الكويت غدا مناسبة للخروج بموقف موحد من اتفاق جنيف الذي أزعج أوساطا خليجية.
لكن الاتفاق الذي نحن بصدده هو، في جوهره السياسي، اتفاق بين أميركا وإيران؛ أميركا الحليف التاريخي الموثوق للأردن. فكيف بوسع الدبلوماسية الأردنية أن توفق في مقاربتها بين أهم حليفين بالنسبة لها؛ السعودية وأميركا؟
الشيء المؤكد هو أن الأردن لم يكن ليرغب في أن يكون في وضع محرج كهذا. لكن التباين العميق في المواقف بين الرياض وواشنطن حيال قضايا المنطقة الساخنة، وضع تحالف المعتدلين بنسخته الجديدة أمام اختبار صعب لم يكن بالحسبان.
يدرك الأردن أن مشاكل الحلفاء الخليجيين، وعموم دول المشرق العربي، مع إيران، تتعدى خطر النووي؛ هناك حزمة من المشاكل يتعين على إيران طمأنة الدول العربية والخليجية بشأنها، منها ما يتعلق بالتدخل الإيراني في شؤون دول خليجية، وقضية الجزر الإماراتية، وملف العراق المثقل بالخطايا الإيرانية، وقبل هذا وذاك الأزمة في سورية ودعم إيران لنظام الأسد، ثم لبنان الذي كان وما يزال خطاً من خطوط المواجهة بين السعودية وإيران.
ثمة تسويات كثيرة ينبغي إنجازها إذن، توازي في أهميتها بالنسبة للدول الخليجية والأردن الملف النووي، لا بل وتزيد عنه أهمية.
من هذه الزاوية، يمكن للأردن أن يجد مدخلا لموقف متوازن تجاه اتفاق جنيف؛ أي دعم الاتفاق و"الترحيب" به، من دون إغفال الحاجة الملحة إلى معالجة الهواجس والمخاوف الخليجية من دور إيران ونفوذها في المنطقة.
الأردن سيحاول إمساك العصا من النصف، ليحافظ على علاقاته الوثيقة مع الحليفين؛ الشرقي والغربي.
في عهد الملك عبدالله الثاني، تحقق إنجازان في السياسة الخارجية، لا يمكن التفريط بهما. الأول، طي صفحة الخلاف مع السعودية، وبناء تفاهم استراتيجي معها. والثاني، علاقة مباشرة مع دوائر صناعة القرار الأميركي، لا تمر عبر اللوبي اليهودي، كما كانت الحال من قبل.
هذان أصبحا من ثوابت السياسة الخارجية الأردنية، وتطلّب تحقيقهما جهودا دبلوماسية مضنية، بُذلت على مدار سنوات. ومهما بلغت تعقيدات المشهد الإقليمي وتشعبت، فإن الأردن لن يضحي بالمكسبين.
هناك دائما إمكانية لتدوير الزوايا الحادة في العلاقات الدبلوماسية بين الدول، من دون الحاجة إلى كسرها. وهذا ما سيسعى إليه الأردن في مقاربته للخلاف السعودي الأميركي. (الغد)