" بناء على توجيهات معالي وزير ... فلان الفلاني .. قمنا بإرسال ... إلى ... " وبناء على توجيهات عطوفة .. علان العلاني تحركت آليات .. إلى مكان .. وقامت بفتح الطريق أمام حركة المواطنين " .. وغير ذلك كثير من توجيهات أصحاب المعالي والعطوفة من المسؤولين ، والتي يبدو منها أن توجيهاتهم هي المحرك الأساس لأي إجراء تنفيذي أو إداري تقوم به وزارة " معاليه " أو مديرية " عطوفته " ، ولولا هذه التوجيهات لما تم الأمر ، ولم ينل المواطن المراد ، ولم تقدم المساعدة .
كثيرة هي العبارات و" الديباجات " التي يبدأ فيها مسؤول ما حديثه التلفزيوني أو الإذاعي ، فإن كان وزيرا عليه أن يبدأ حديثه بأنه بتوجيهات من دولة رئيس الوزراء قام بزيارة المكان الفلاني ، وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة . هنا ُيطرح السؤال الكبير : لو لم يعطي " دولته " توجيهاته ويصدرها إلى " معاليه " هل سيبقى " معاليه " جالسا في مقعد وزارته دون إجراء ما يلزم ؟ وهل يقتصر دور " معاليه " على تنفيذ توجيهات " دولته " ؟ ولن يتخذ الإجراء اللازم دون انتظار التوجيهات ؟ . وتتكرر الصورة والمشهد في المستويات الإدارية التي تلي ذلك .
" عطوفته " يعمل بتوجيهات " معاليه " ، وعلى عطوفته أن يذكر اسم معاليه خشية أن تضيع معرفة صاحب فضل التوجيهات التي لولاها ما تم اتخاذ ما يلزم . لنفرض أن حادثا ما كحريق أو تراكم ثلوج أو حالة تسمم أو غير ذلك – لا قدّر الله – قد وقع ألا يتخذ المسؤول – أي مسؤول – إجراء اللازم دون ذكر توجيهات من يعلوه وظيفيا ؟ ودون ذكر اسمه الذي يلي ذكر منصبه ووظيفته ؟ ألا تتحرك سيارات الدفاع المدني ورجاله ، أو رجال السير أو عمال وآليات البلدية ، أو الفرق الطبية ضمن إجراءات محددة دون توجيه من معاليه وعطوفته ؟ لأن الواجب يقتضي حركتها وعملها دون انتظار توجيهات كائن من كان ؟ لأن الفضل لله أولا ، ثم لمن قام بتنفيذ العمل الصعب ، وهذا عادة لا يذكره أحد .
الجميع يعمل في مواقعه ومراكزه ، ولكل دوره ومكانته ، والجميع يعمل ويستلم راتبا مقابل عمله ، ليقم كل فرد بعمله دون توجيه الفضل لمن يعلوه مرتبة بطريقة ساذجة مضحكة ، دفنتها الدول الأخرى منذ زمن بعيد . أسلوب عمل يجرد الإنسان من روح المبادرة ، ويحوله إلى مجرد متلقي لإرشادات ، لا حَول ولا طَول له سوى انتظار ما يرده من صاحب المكتب الذي يعلوه مرتبة .
haniazizi@yahoo.com