سيبويه دكتاتور النحو ومحنط العربية 4
د.عودة الله منيع القيسي
25-11-2013 02:44 PM
بعض المثقفين الذين قرأوا مقالتي الأولى عن – ديكتاتورية سيباويه – طالبوني – مشكورين – بأن أوضح الإصلاح الذي أراه يخرج – الفصحى – من قيد التجميد , وأقول : أنا ماضٍ ، في بضع مقالات لتوضيح القواعد التي وضعها سيبويه والتي جمدت الفصحى ، لكن الجواب الكامل عنالإصلاحات والتغييرات التي قدمتها عن بعض قواعد سيويه في كتابي المسمى(رؤىً – نحوية وصرفية – تجديدية )المكون من أربعة أجزاء والمطبوع في – دار البداية /عمان – طلعة الشابسوغ – هـ 4640679
-و من أسباب تحنيط قواعد سيبويهٍ للغة في تخطئته النسبة إلى الجمع- القصورُ الواضح- إذا نسبْتَ إلى الجمع:
-قال سيبويْهِ –رواية عن أستاذه الخليل : (.. وكذلك، إذا أضفت [نسبت] إلى مساجد،قلت: مسجديّ.ولو أضفت إلى –الجُمَعِ- قلت –جُمْعِيّ- { نسبة إلى المفرد- الجُمْعة}-... فإن أضفت إلى –عُرَفاء-قلت :عَريفي { نسبةً إلى المفرد- عريفِ} –وهذا " قول الخليل .وهو القياس على كلام العرب-(12)
-أقول :قال الخليل: وهو القياس على كلام العرب.أقول: وهذا .. يعني –في علمهم- أن ما عداه.. شاذّ! –هذه البدعة التي جمّدوا بها اللغة-وتهيّب الخروجَ عليها الأدباءُ والكتابُ، حتى لا يُرْمَوْا –بالخطأ- لأننا أمّة تقديس، للقديم ، فتقليد؛ فلا نتفكر، ولا نتدبر، ولا نشُكُّ ولا ننقد- إلا من رحم ربُّك.
-أقول :فيا أخي –العبقري الخليل،ماذا تقول في الذين نسبوا-بعدك إلى الجمع- فقالوا:ابن شاكر –الكُتُبيّ- نسبةً إلى الكُتُب-لا إلى –الكتاب؟- وماذا تقول في الذين نسبوا إلى –الزنانير-لا إلى –زنّار- فقالوا الزنانيريّ؟- وماذا تقول في الذين ينسبون إلى –البراذع- فيقولون –البراذعيّ- ولا يقولون :البرذعيّ- ينسبون إلى الجمع، لا إلى المفرد؟بل- ماذا تقول في الذين يقولون الساعاتي- نسبةً إلى الساعات؟ -وماذا عسانا نقول في الذين يقولون:الفطائري أو –الفطاطري [ أبدلوا بالهمزة طاءَاً]- نسبةً إلى الجمع –الفطائر- لا إلى المفرد –الفطيرة.ولا تقل:هذا ..عاميّ؛فقد سبق أن عَرَفنا أن العامية والفصحى-أختان في الألفاظ والتراكيب (وليس في حركات الإعراب).
.. بل أنقول: معاهدةٌ-دَوْليّةٌ-[ بتسكين –الواو] نسبة إلى المفرد، عندما تكون المعاهدة بين بضع دُوَلٍ أم نقول:معاهدة دَوْلية للتي تعقدها أطراف في دولة واحدة، [بفتح الدال وسكون الواو]-نسبةً إلى المفرد؟-لكي نفرّق بين أنواع المعاهدات فننسبها إلى –المفرد-(دوْلي)-وإلى (دُوَليّ) المعاهدة التي تعقد بين دُوَلٍ –فننسبها إلى الجمع)؟
.. الصواب عندي،وعند غير المقلدين،- غير المقلدين .. الذين جمدوا على القديم واعتبروا بل أيقنوا أن كتاب سيبويه –هو دستور النّحْوِ –لا يأتيه الباطل، لا من بين يديه ولا من خلفه. فجعلوا يدورون في فلكه:يشرحونه أو يختصرونه، أو يغيرون ترتيبه_ (على فرق هائل في أسلوب عرض مسائل النحو- بينهم وبين سيبويه،- وكل ذلك لصالح سيبويْهِ الذي جعل عَرْضَ النحوممتعاً:جعله-حكايةً وحواراً وتفسيراً،ونصوصاً مختارة من فصيح كلام العرب.) – مع أن الحقيقة أن كتاب سيبويه ... فاته الكثيرفي القواعد- الذي لم يستدركْهُ من جاؤوا –بعدَهُ –إلى اليوم= فاته الكثير ؛ لأن اللغة في زمانه .. لم يكن قد اكتمل جمعها- كما أسلفنا القول أمّا من جاؤوا –بعدَهُ- فقد عرضوا مسائل سيبويه- عرضاً جامداً لا حيوية فيه،ولا إمتناع.
-وبالمناسبة... فمن أشنع الغلط ماقرأته في الصحف الأردنية أن بعضها تقول- عندما يزور الجريدة وفْد من الطلاب –تقول( زارنا وفد-طالبيّ!!)- يالَلّهِ-!- أزاركم طالب واحد –أم زاركم جماعة من الطلاب؟-إن المعنى- الذي ماجاءت الألفاظ إلا من أجل التعبير عنه-يقتضي أن نقول وفد طُلابيّ-ومعاهدة-دُوَلية-(عندما تكون المعاهدة بين دول)-ناسبين إلى الجمع، لكي نحترم عقولنا وفهومنا- باحترامنا للمعنى،ولكي نتعامل بلغة مفهومة للناس.
- ومن أسباب تجميد اللغة وتحنيطها أخطاء سيبويه في النظر إلى لغة العرب –وتبَعهُ النحاةُ:
-أن سيبوْيهِ- ومن كان قبلهُ،ومن جاء بعدَهُ- آمنوا (بأسطورة) فصاحة الأعراب الكاملة. مع أن عرب القبائل السبع (وليس أعراب القبائل السبع-خلافاً للمتداول)- التي كانت أفصحَ القبائل على الإطلاق- كان بعضُ أفراد كل قبيلة أفصحَ من بعض-لأن الله تعالى لم يجعل الخلق، في بيئة من البيئات ، متمتماثلين في أيّ صفة من الصفات- .. ومع أن الأعراب بل العرب –فيهم الفصيح والأفصح،والأقل فصاحة، بل فيهم الذي يلحَنْ؛ -مع ذلك ..عدّهم اللغويون والنحْويّون- كلّهم.. فصحاءَ، حتى قال ابنُ جني- صاحب كتاب (خصائص اللغة وسرّ العربية)- وأكبرُ فقيه ُلغوي في العربية(كل ُّكلام العرب..حُجّة!!(13)وتلك –غفلةٌ –من اللغوين والنحويين- بسبب التقديس فالتقليد، وبسبب وَهْمِهِمْ بأسطورة فصاحة الأعراب بل العرب- كُلّهم!!
.. حتى لقد أورد النحاةُ بيتاً ملحوناً،معتبرينه من العربية،ومتمدحين أنهم يعلمون- دقائق-اللغة!- ومادرَوْا أن هذا الكلام هو خطأ لا تُقرّهُ العربيةُ، ولا يقره الفصحاء.وإن موضعه ليس كتب اللغة والنحو،وإنما كتب (الأنثروبولوجيا) –لدراسة الانحراف في –السليقة – الذي طرأ على هذا اللاّحن، وامثاله. وبيتُهُ هو :
( إن أباها و أبا أباها ----------قد بلغا في الفخر غايتاها)!
-وصوابه:
( إن أباها وأبا أبيها----------قد بلغا في الفخر غايتيْها).
لأن –أبا- الأولى –اسم (إن) منصوب بالألف؛ لأنه من الأسماء الخمسة- و- أبا الثانية –معطوفة على الأولى منصوبة بالألف.
-أمّا (أبا) الثالثة، فصوابها (أبي) –لأنها مضافٌ إليها-أبا –الثانية،والمضاف إليه مجرور، وعلامة جرّه- هنا –الياء-لأنه من الأسماء الخمسة.أما –غايتيْها- فهي مفعول منصوب، وعلامة نصبه-الياء- لأنه مثنّى.