كفاح الهاشميين والأردنيين في سبيل الإستقلال والسياده (5)
د. معن ابو نوار
25-11-2013 02:31 PM
لم تتجاوز شرق الأردن التهديد المباشر ضدها فحسب ؛ ولكنها ساعدت على إخماد الثورة العراقية في عام 1941 التي كانت حكومتها ديكتاتورية بالتحالف مع ألمانيا ؛ وشاركت في إستعادة الشعب العراقي لنظامه الديمقراطي الهاشمي وحكم القانون والنظام المستقل ؛ كما شارك الجيش العربي الأردني في طرد قوات فيشي الفرنسية من سورية مما أدى إلى أول الخطوات المؤثرة نحو إستقلالها وحريتها ؛ وبعد ذلك شارك الجيش العربي الأردني وحتى نهاية الحرب العالميه في حماية خطوط مواصلات الحلفاء ؛ ومؤسسات القوات البريطانية القيادية والتزويدية والحيوية من ميناء حيفا في فلسطين ؛ وحتى خانقين قرب الحدود العراقية الإيرانية ؛ وكان خلال جميع تلك المرحلة تحت قيادة القوات البريطانية.
كانت تلك أمارة شرق الأردن التي إعتقد كبار القادة البريطانيين في الحكومة البريطانية عند قيامها في عام 1921 ؛ بأنها ستكون مزعجة أكثر من جدواها ؛ أو أنها مساله خلفية في الأرض الحرام بين الفرنسيين في سوريا ؛ والبريطانيين في فلسطين ؛ وأنها دولة مصطنعة غير مكتفيه ؛ وحلم حاكمها الوحيد مسح الحدود المرسومة بإتفاقية سايكس/ بيكو. وبعد كل التضحيات التي قدمها الأردن خلال الحرب ؛ سلمت بريطانيا سورية إلى الفرنسيين بدلا من تسليمها إلى الملك عبد الله بن الحسين الذي ساعد على طرد قوات فيشي منها وتحريرها.
وبالإضافة إلى ذلك وبسبب إهمال الحكومات الأردنية المتلاحقه بقضايا التطور والتنميه خلال الحرب ؛ وبسبب الضرورات الأخرى التي فرضتها الحرب العالميه ؛ جمدت برامجها التنموية ؛ والإقتصادية والإجتماعية حتى وصلت إلى الجمود المستقر ؛ ثم إنعدام الوجود. وبالرغم من المعونات البريطانية الكبيرة فقد أنفقت جميعها وقسما مهما من الواردات الوطنيه على المجهود الحربي ؛ وبقيت مخصصات الميزانية للتعليم والصحة والزراعة والصناعة والتنمية الإقتصادية تراوح في مواقعها المنخفضة من درجات الأهمية في وقت عصفت في الوطن خلاله بارتفاع معدل التضخم وغلاء الأسعار الذي لم يعرف الوطن مثله في تاريخه. وفي هذا المجال الخطيركان مستوى معيشة الشعب الأردني ؛ باستثناء عدد قليل من أغنياء الحرب التجار مستوى لا يرتفع فوق حافة الفقر بسبب الخسائر المادية التي تكبدها خلال الحرب.
خلال عام 1947 أدى التسارع في الحركة نحو خلق دولة إسرائيل الصهيونية ؛ وإهمال مصالح المملكة لأردنية الهاشمية إلى إرتفاع ضميراللواءجلوب والذي خلال تقاعده كتب إلى الجنرال جيمز لنت أحد قادة كتيبة المدرعات الثانية السابقين قائلا:
" كانت المأساة أن هذه البلاد(المملكة الأردنية الهاشميه)الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي نكبت من قبل بريطانيا بعد الحرب حتى بدون مجرد إستشارة ؛ أو على الأقل إعتذار ؛ وقد سمحت الحكومة البريطانية بقيام دولة إسرائيل لأسباب عديده: منها: ضغط اللوبي الصهيوني ؛ الضغط من قبل أمريكا؛ الإنهاك والتعب من شدة الحرب ؛ وما شابه ذلك من أسباب. لكنها لم تعط تفكير لحظة واحده للدولة الصغيرة التي جابهت ألألمان في عام 1940. كانت شرق الأردن مكتفية ذاتيا قبل الحرب العالمية الثانية ؛ لأنها كانت تصدر الشعير ومنتجات زراعية أخرى عبر ميناء حيفا إلى أوروبا ؛ وقد قطع خلق دولة إسرائيل حبل حياتها بصعقة واحده ؛ ومن هنا أصبح الشغب على الأردن بأنها غير مكتفية ذاتيا؛ ولذلك الأفضل رميها للكلاب ؛ وقليلون الذين يدركون أن بريطانيا هي التي جعلتها غير مكتفية ذاتيا."
نعم لم يكن جيمز لنت ضابطا بريطانيا مصابا بمرض الصهيونية ؛ بل كان بريطانيا أصيلا حرا وشجاعا ؛ وقد وجد إحتراما كبيرا بين الضباط والجنود الأردنيين الذين خدموا معه.