"القنوة الناعمة": هناك رجال مافيا .. هناك شباب ملثم!!
د. وليد خالد ابو دلبوح
24-11-2013 02:52 PM
عندما تظهر الغيوم ... يضع الحكماء معاطفهم! ... وليم شكسبير
ونحن نقول ها قد ظهرت الغيوم ... واستقرت وتلبدت ... فأين المعاطف منا ... وأين الحكماء فينا؟! وبالترجمة للعربيه نتسائل ... فأين العباءة منا ... وأين الشيوخ فينا؟!! يعز علينا كثرة الرجال وقلة الحكماء والمعاطف ... والعباءات!! ولطالما انتقل الأردن من مرحلة الرجال "الزعامات" الى مرحلة "رجال" المافيا والصفقات ... لا "ضير" أن ينتقل شبابه من مرحلة الشباب الصاعد ... الى مرحلة الشباب الهابط!!
ان تفشي ظاهرة سياسة "القنوة الناعمة" شئ خطير ... وان مشكلة الشباب اليوم ليس في لثامهم ... بل في رجالهم ... "العشائريون الجدد" ... وان ما يروعني ليس ظهور الشباب الملثم ... بقدر ما يفزعني صدمة البعض عند ظهورهم .... ماذا تتوقعون أن تفرز تنامي سياسات البلطجة مؤخرا... شباب واعد؟؟! ما تتوقعون أن تفرز تعزيز ثقافة رجال المافيا وتقسيم الدوائر والأدوار فيما بينهم ... شباب طامح؟! ... ماذا تتوقعون عند عصر حبة البرتقال ... عصير كيوي مثلا؟! .. ماذا "عصرتم" وماذا زرعتم في أنفسكم من قيم أولا وفي شبابكم وابنائكم ثانيا ؟ بالطبع ... مثل هيك زرع بصراحة ... بدها هيك ختم!!
تحديات الأمن القومي: اعادة تسويق وتوزيع قيم الولاء والانتماء .. أخطر الخطر على المدى المتوسط والبعيد!!
يقول المثل العربي ... من شب على شيء شاب عليه ... ويقول المتنبي ... لكل امرء في دهره ما تعودا ... فأي قيم وأفكار بشب ويعتاد عليه الشباب اليوم؟؟! ان سياسة "القنوة الناعمة" القائمة على "ابتزاز" وتفريغ انتماءات الجيل الصاعد, المهمش والعاطل والمُغيب .. نحو أشخاص ودوائر محدودة ... من رجالات الضغط والتأثير ... لينتقل توجهات وانتماءات هذا الشباب من حبه للوطن الى حبه وانتماءه لهذه الدوائر والاشخاص ... وسيكون اثرها البالغ الامني وخيما ... لا قدر الله في المدى المتوسط .. وأخطرها في المدى البعيد! وان الخطر الحقيقي يكمن في أمرين:
1. ان هذه الدوائر والاشخاص هم أكثر من يجاهر ويفاخر في انتمائهم وولائهم ... وعليه أصبحوا يرهبون من حولهم ... فاستثمروا خطابهم في تعزيز قبضتهم وسطوتهم وصفقاتهم الذاتيه ... واليوم يُحسب لهم الف حساب .. فأصبحوا بطريقة مباشرة او غير مباشرة ملجأ للناس - والشباب بشكل خاص - وشكواهم وهمومهم ...وألاهم من ذلك انهم اصبحوا اصحاب قرار حقيقيون في التأثير في التعيين والتغيير وه اليوم يتوغلون اكثر فأكثر!!
2. تقسيم الدوائر والادوار: وكأنه "مبرمج"... وكأن كل دائره تحترم الدائرة الأخرى وتحترم حدودها وتخومها .. مقسمه "بالتراضي" ... بلغة الشفاة لا اللسان ... كل يعلم مشربه ومطعمه .. تتوسع بالتساوي في دوائر مختلفه ... ولا مجال للتقاطع!
قد يكون هناك "فائدة" ما لظهور مثل هذه الدوائر وجماعات الضغط في فترة ما... لامتصاص واحتواء تنامي حركات معينه في زمن ما ... ولكن ان كان هذا "مفيد" ... فان نفعه كان على المدى القصير فقط ولظرف ما .. وعلى اصحاب القرار تداركه اليوم فبل الغد القريب!!! ومن هنا نقول عليكم انقاذ الشباب من الولوج كرها أو طوعا الى هذه الدوائر حتى لا يتحول الشباب الملثم الى رجال بلطجه ومافيا ... وعصابات .. ويتحول الولاء والانتماء ... من الثابت "احادية القطب" .. الى المشتت "متعدد الأقطاب" ... هناك عشرات الالاف من الخريجين قادمون وهناك امثالهم قاعدون ينتظرون ... من سيأخذ بايديهم؟!! من سيستثمر في قلوبهم وانتمائاتهم؟!! اذا اردت ان تعرف اين مستقبل الاردن ... تتبع خطواتهم .. وتتبع اليد تمتد نحوهم ... يد وحضن الوطن اولى بهذا الشباب المشرق!
الخاتمة: الشباب والأردن ... قبل فوات الأوان !
يقول نابليون "لا يهرم الانسان الا عندما يحل أسفه محل أحلامه" ... ويقول غوته "يتوقف مصير كل أمة على شبابها" ويقول عليه افضل السلام في جوامع الكلم " ... والشباب شعبة من الجنون" ... فلنتعظ ولنتعلم من أهمية الشباب ... ولنحتاط أيضا من "جنونه" .. ولنوظفه لمصلحة وعيون الوطن!
على أصحاب القرار اعادة "صناعة فكر الشباب" المبني على القيم ... بزرع قيم "الحب بالعقل" ... وبالقناعة والمساهمه والمشاركة وبالتساوي وبالتوازي .. وان لا ينظروا الى مظاهر العنف كمشكلة طلابية ... بل مشكلة شباب ورجال على حد سواء ... كون الشاب خارج اسوار الجامعة هو ذاته داخل اسوارها ... وان قيمة ولثامه يتعلمها ويمتطيه من رجاله المتشدقون بالولاء والانتماء! هناك الكثير مما يجب فعلة الكثير ... بحيث تكون سياسات شاملة ومتوازنه ومنتظمة ... لا فردية وفوضويه ... وعلى المدى الضيق القصير...
اتمنى مثلا ان يتم الغاء مؤسسات افرزت في اعتقادي فجوة بين الشباب أنفسهم ... وزرعت الفجوات فيما بينهم ... وشرخ كبير في فرص التشاركية الاسهام في تعزيز الانتماء ... عززت الاقصاء ... وقضوت العطاء ... فاصبح انتماء الشباب "الطامح" بالاشتراك... لا نريد "جيش" يصفق ... لا ينطق ... لا يفكر .. ومُبرمَج ... لا مبرمِج ... ليساهم جميعا في الفكر البنّاء ... لا نريد له دور كومبارس يحمل يافطات هنا وهناك ... لا نريده "جيش" طبقي من العضلات .. بل جيش فكري ممتد من العقلاء .. لا نريده ينزل من الباصات يصفق لهذا وذاك ثم يعود من حيث اتى .. اجعلوا حب الوطن عفوي ونقي وعقلاني ... من جميع فئات ومنابت الشباب ... لا لوجود هيئات ولا مؤسسات تفرقهم ... فيجمعهم الوطن الواحد ... وليتنافس المتنافسون على حبه كل على طريقته ... فلحب بالقلب العاطفي تبين لا يكفي ... لأن الحب بالعقل تبين أهم بكثير ... فهل سمعتم يرعاكم الله .. هيئة شباب كلنا اميركا .. او كلنا سنغافورة .. او كلنا موزنبيق؟!