الارتباك التشريعي مؤشر على غياب السياسات
فهد الخيطان
31-01-2008 02:00 AM
من مظاهره سحب القوانين قبل اقرارها او تعديلها بعد نفاذها بفترة قصيرة..استقرار التشريعات مؤشر على وضوح الرؤيا في الدول ودليل على وجود سياسات محددة في الاردن تدعي كل حكومة جديدة انها لا تبدأ من الصفر وانما تبني على ما انجزته الحكومات السابقة ربما يكون هذا القول صحيحا في بعض الاحيان لكنه لا يعدو مجرد مجاملة في حالات كثيرة, وما نشهده في مجال التشريعات والقوانين مثال على حالة الارتباك التشريعي في مؤسسات الدولة.
حكومة الذهبي وبعد تشكيلها باسابيع قررت سحب مشروع قانوني الجمعيات الخيرية والنقابات من مجلس الامة وتعهدت بالعمل على اعداد قانون جديد للجمعيات نظرا لعدم ملاءمة نصوصه مع احتياجات القطاع, اما مشروع قانون النقابات المهنية فليست كل مواده مرفوضة من الاوساط النقابية وكان بوسع الجهات المعنية مراجعته وتعديله لان اصلاح النقابات ما زال هدفا مطلوبا.
مجلس النواب السابق اقر قانونا للمطبوعات والنشر الان وبعد اقل من سنة على اقراره تتجه النية لتعديله والمجلس السابق رفض مشروع قانون ديوان المظالم ثم وجدت الحكومة الحالية والمجلس الجديد ان هناك حاجة لا قراره.
ومؤخرا تعهدت الحكومة بتقديم مشروع قانون للاجتماعات العامة بعد 3 سنوات تقريبا على وضع القانون الساري.
واتفق مع الرأي الذي يقول ان هناك حاجة لتعديل العشرات من التشريعات الاردنية التي مر عليها سنين طوال ولم تعد تتلاءم مع تطور المجتمع والدولة لكن ما نحن بصدده هو التعديل المستمر على تشريعات حديثة لم يمض على اقرارها وقت طويل او انها ما زالت في طور المناقشة لدى مجلس الامة فما الذي تغير اليوم عن الامس حتى نسحب مشروع قانون الجمعيات الخيرية ولماذا مر مشروع قانون المطبوعات والنشر العام الماضي اذا كنا نعرف انه غير ملائم?
اعتقد ان وراء حالة الارتباك التشريعي عدة اسباب يمكن تلخيصها في نقطتين الاولى ان بعض الحكومات تلجأ لتعديل التشريعات خدمة لمصالح سياسية آنية وتتجاهل المصالح العامة للدولة والمجتمع على المدى البعيد, فما ان تنتفي هذه المصلحة وتزول او ترحل الحكومة حتى يتبين للاطراف كافة ان القانون النافذ تشوبه العيوب ولا يحقق المصلحة العامة.
والثاني: ان تعديل بعض القوانين كان يتم تحت ضغط اطراف اقتصادية او استجابة لرغبة مستثمر وعندما يدخل القانون حيز التنفيذ تبرز مشاكله للعيان فنسارع الى تعديله.
وفي السنوات الاخيرة برزت ظاهرة ترجمة القوانين من اللغة الانجليزية الى العربية عن طريق المكاتب الاستشارية التي تتولى اعدادها وفي حالات عديدة تمكنت اللجان القانونية في مجلس الامة من استدراك اخطاء الترجمة قبل إقرار القوانين لكن في حالات اخرى مرت تلك التشريعات بكل ما فيها من مصائب.
ولهذا السبب اتسعت ظاهرة تعديل القوانين في الاردن مما يتسبب في ارباك قطاعات كثيرة باتت تعاني من مسلسل التغير الذي لا ينتهي للتشريعات.
في غياب برامج اصلاحية للدولة لا يقتصر الارتباك على اداء الاجهزة التنفيذية وانما يطال ايضا التشريعات وهذا اخطر ما يمكن ان تواجهه من مشاكل.